خبيئة العساسيف بالأقصر تكشف عن 30 تابوتا خشبيا آدميا أثريا ملونا في حالة جيدة

وسط تغطية إعلامية عالمية، أعلن صباح اليوم السبت الدكتور خالد العناني وزير الآثار رسميا نجاح البعثة الأثرية المصرية برئاسة الدكتور مصطفي وزيري أمين عام المجلس الأعلى للآثار الكشف عن "خبيئة العساسيف" في الأقصر، والتي تضم مجموعة متميزة من 30 تابوتا خشبيا آدميا ملونا لرجال وسيدات وأطفال، في حالة جيدة من الحفظ والألوان والنقوش كاملة، وحضر مراسم الإعلان عن الكشف عالم الآثار الدكتور زاهي حواس، ومحافظ الأقصر المستشار مصطفى ألهم.

وأضاف العناني أنه تم الكشف عن التوابيت بالوضع الذي تركهم عليه المصري القديم، وكانت مغلقة بداخلها المومياوات، مجمعين في خبيئة في مستويين الواحد فوق الآخر، ضم المستوى الأول 18 تابوتا، والمستوي الثاني 12 تابوتا، واصفا إياها "بأنها أول خبيئة توابيت آدمية كبيرة يتم اكتشافها كاملة منذ نهاية القرن الـ 19، يكشف عنها الأثريون المصريون بالأقصر."

وأشار وزير الآثار إلى أنه من أشهر الاكتشافات السابقة خبيئتان للمومياوات الملكية، هما خبيئة الدير البحري التي تم الإعلان عنها عام 1881، وخبيئة أخرى عثر عليها داخل مقبرة الملك أمنحتب الثاني عام 1898، بالإضافة إلى خبيئة باب الجسس عام 1891، والتي عثر بداخلها على عشرات المومياوات لكهنة.

 

وأشاد العناني برجال الآثار في الأقصر، حيث إن هذه أول خبيئة تكتشف بأيدي أثريين مصريين، وأكد أن ما أثير من أقاويل البعض بالتشكيك في هذا الكشف قبل الإعلان عنه، أنه توابيت دفنت في عام 1967، هي أقل من الالتفات إليها، وأنها لا تتعدى أن تكون ضمن الشائعات المغرضة التي ليس لها أي أساس من الصحة أو الدليل، والهدف منها النيل لأي نجاح تحققه الوزارة ويلفت انتباه العالم إلى مصر وحضارتها.

ومن جانبه، أوضح الدكتور مصطفى وزيري أن قصة كشف الخبيئة بدأت منذ نحو شهرين، حين بدأت أعمال الحفائر لهذا الموسم، استكمالا لأعمال الموسم السابق الذي بدأ في عام 2018، والتي كشفت عن العديد من المقابر منها المدخل الأصلي لمقبرة TT 28، ومقبرتين لـ "ثاو ار خت أف"، و"ميري رع" من عصر الرعامسة، أما هذا الموسم تم العمل على توسعة نطاق الحفائر لتشمل الجزء الشرقي من الفناء، الذي بدأ العمل به الموسم السابق، ما أسفر عن اكتشاف خبيئة "العساسيف" والتي تضم 30 تابوتا خشبيا لكهنة وكاهنات وأطفال من عصر الأسرة الـ 22 من القرن العاشر قبل الميلاد أي منذ 3 آلاف عام.

 

 

وتضم الخبيئة مجموعة من التوابيت لكهنة وكاهنات لمعبودات الأقصر للآلهة آمون وخنسو، حيث بلغ عددها حتى الآن 30 تابوتا، من بينها 3 توابيت لأطفال، وتقع أعلى مقبرة TT 28، وتتميز التوابيت في توفير الدليل على المراحل المختلفة لطريقة صنع التوابيت في تلك الفترة، حيث منها ما هو مكتمل الزخارف والألوان، ومنها ما هو في المراحل الأولى للتصنيع، ومنها ما انتهى تصنيعه، ولكن لم يتم وضع المناظر المنقوشة عليه، ومنها ما تم نحته وتزيين أجزاء منه، وتركت الأجزاء الأخرى فارغة بدون زخارف.

وتمثل المناظر المنقوشة على جوانب التوابيت موضوعات مختلفة تشمل تقديم القرابين للملوك المؤلهين كالملك أمنحتب الأول الذي عبد في منطقه الدير البحري، ومناظر لآلهة، وكذلك مناظر من كتاب الموتى، وكذلك عدد من النصوص التي بها ألقاب لأصحاب التوابيت كمغنية الإله آمون، وكذلك نصوص لخطب آلهة مختلفة.

 

وتأتي هذه الخبيئة اليوم كشاهد على فترة تاريخية لعدم الاستقرار انتشرت فيها سرقات المقابر، وقل بناء المقابر الضخمة، ولعب فيها التابوت دورا هاما كمقبرة للحفاظ على الجسد، حيث وضعت المناظر التي كانت توضع سابقا على حوائط المقابر لتجد مكانها على جوانب التابوت، والتي توضح ارتباط تلك الخبيئة بالمنطقة حيث مثلت مناظر الآلهه حتحور والملك أمنحتب الأول، واللذان انتشرت عبادتهما في منطقة الدير البحري والتي تعتبر جبانة العساسيف جزءا منها.

 

أما فيما يخص طريقة الدفن في مجموعات فهي عادة معروفة سابقا حيث وجدت الخبيئة باب الجسس لكنهة وكاهنات الإله آمون في الأسرة الـ 21، بالقرب من معبد  الملكة حتشبسوت، وإن اختلفت في عددها.

 

وفي سياق متصل، صرح الدكتور الطيب عباس مدير عام الشئون الأثرية بالمتحف المصري الكبير، بأنه سوف يتم نقل المجموعة كاملة بالمتحف المصري الكبير، حيث تم تخصيص قاعة لعرض المجموعة كاملة، وسوف يتم نقلها بعد انتهاء أعمال الترميم الأولي على يد مجموعة متخصصة من مركز الترميم من المتحف المصري، بالتعاون مع مرممي منطقه آثار الأقصر.