ترميم معبد إدفو بأسوان يكشف عن نقوش ملونة لأول مرة تدل على ممارسات دينية بالعصر البطلمي
تم النشر:الأحد 15 سبتمبر 2024

كتب: أكرم مدحت
تم النشر:الأحد 15 سبتمبر 2024
نجحت البعثة الأثرية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة فورتسبورج الألمانية، في الكشف عن الألوان الأصلية لمعبد إدفو وعدد من النقوش التي تظهر لأول مرة، وذلك أثناء أعمال مشروع ترميم سطح المعبد المكرس لعبادة الإله حورس، والذي بدأ عام 2021 بتمويل من مؤسسة جيردا هينكل الألمانية.
وأشاد شريف فتحي وزير السياحة والآثار بالدور الذي يقوم به المرممين لاسيما المصريين في الحفاظ على تراث مصر الحضاري، وما يبذلونه من جهد للكشف عن جميع النقوش الموجودة بالمعابد المصرية واستعادة الألوان الأصلية التي كانت تزينها منذ آلاف السنين، واصفا إياه بالجهد الرائع لإزالة الأتربة التي كانت تغطيها على امتداد سنوات طويلة، والذي يعقبه القيام بمعالجات دقيقة للغاية لإعادة هذه الألوان لما كانت عليه، موجها بضرورة الإسراع في اتمام الأعمال استعدادا للموسم السياحي الشتوي واستقبال الزائرين المصريين والسائحين من جميع دول العالم.
ومن جانبه، أوضح الدكتور محمد إسماعيل الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن مشروع ترميم المعبد يهدف إلى تنظيف جدران المعبد وإعادة نشر النصوص والمناظر الخاصة بها، وتوثيقها توثيقا رقميا في إصدارات جديدة تحمل ترجمات ودراسات أكثر دقة من الإصدارات السابقة التي نشرت خلال القرن الماضي، كما يتضمن المشروع أيضا ترميم وتنظيف المقاصير والجدران الداخلية للمعبد، فضلاً عن تثبيت الألوان، وإزالة السناج، وعمل دراسات مفصلة للنصوص والمناظر الموجودة بجدران قدس الأقداس والغرف المجاورة لها.
وصرح بأنه خلال ترميم سقف وجدران قدس الأقداس بالمعبد تم الكشف عن بقايا مناظر ملونة وكتابات للكهنة مدونة بالخط الديموطيقي، بالإضافة إلى آثار ألوان ذهبية كانت تستخدم لتذهيب النقوش البارزة من مجوهرات وشارات ملكية وكذلك أجساد الآلهة.




وأشاد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بالجهود المبذولة في المشروع من أجل إظهار النقوش والألوان، والتي ستعمل بشكل كبير إلى عودة المعبد لما كان عليه عند بنائه، الأمر الذي من شأنه الحفاظ على المعبد ونقوشه، والمساهمة في الوقت ذاته في تحسين التجرية السياحية لزائري المعبد.
وفي سياق متصل، قال الدكتور أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، أن النصوص الموجودة بالمعبد تشير إلى أن بعض المباني به كانت مغطاه بطبقات من رقائق معدنية سميكة مصنوعة من النحاس (المذهب) والتي لم يتبق منها إلا مجموعات من الثقوب في الجدران، الأمر الذي أدى إلى ندرة توثيقها في السجلات الأثرية، لافتا إلى أن فريق العمل المصري الألماني نجح في الكشف عن هذا النوع من التذهيب في أماكن عديدة في الأجزاء العلوية من جدران مقصورة القارب المقدس بالمعبد.

فيما أشار أحمد عبد النبي المشرف على المشروع أن فريق العمل قام بإزالة الاتساخات العالقة بالأسطح وفضلات الطيور والأتربة والسناج، وكذلك تكلسات الأملاح مما أسفر عن ظهور بقايا الألوان الأصلية التي كانت تغطي النقوش البارزة بأكملها، موضحا أنه جاري حاليا فحص وتحليل الألوان المستخدمة وترميمها، لعودة المناظر إلى صورتها الأصلية عند تشييد المعبد.
ومن ناحية أخرى، قال الدكتور مارتن شتادلر، رئيس المشروع ورئيس قسم المصريات بجامعة يوليوس ماكسميليان بفورتسبورج، أن جودة الألوان بالمعبد تعكس مدى تقدم الفن المصري، لافتا إلى العثور على نص ديموطيقي مرسوم بالحبر كان مختفيا تماما تحت العوالق يتحدث عن دخول الكهنة إلى قدس الأقداس وهو نقش فريد، حيث إنه من المعروف أن الكتابات الشخصية تظهر دائما في المحيط الخارجي للمعبد أو على المداخل وليس في المقصورة الرئيسية أو قدس الأقداس، حيث يوجد القارب المقدس وتمثال الإله، مؤكدا على أن هذه النصوص المكتشفة، ستساهم في تشكيل رؤى جديدة حول الممارسات الدينية للكهنة في هذا الوقت.
ومن جانبها، قالت فكتوريا ألتمان فيندلنج مديرة المشروع والباحثة بجامعة يوليوس ماكسميليان بفورتسبورج، أن الكشف عن الألوان الأصلية للنقوش ساهمت بشكل كبير في معرفة مزيد من تفاصيل المناظر والكتابات الهيروغليفية التي لم تظهر في النقوش البارزة، بالإضافة إلى إضفاء طابع فريد على قدس الأقداس خاصة عند دخول أشعة الشمس له.
ويعد معبد "حورس بحدتي" في إدفو أحد أفضل المعابد المحفوظة في مصر، فهو يضم مجموعة من النقوش والرسومات التي تسجل معلومات مهمة عن اللغة المصرية القديمة والأساطير المصرية القديمة والعقائد الدينة وممارسات العبادة، وهو ثاني أكبر معابد مصر القديمة حجما.
وقد شرع في بناء المعبد في عهد الملك بطليموس الثالث إيرجيتيس، واكتمل في عهد الملك بطليموس الثاني عشر، ويعد المبنى نصبا فريدا من نوعه للدين والعمارة القديمة، بالإضافة للألوان الزاهية البراقة ذات السحر الخاص.