افتتاح مسجد الظاهر بيبرس بعد ترميمه.. وإقامة صلاة الجمعة به لأول مرة هذا الأسبوع (صور)

وزير السياحة والآثار: من المتوقع توافد من 350 ألف إلى 400 ألف سائح كازاخي خلال 2023.. واتوجه بدعوتهم لزيارة هذا الصرح العريق

رئيس مجلس الشيوخ ببرلمان كازاخستان: افتتاح المسجد واحد من عدة فعاليات ستقام في البلدين احتفالا بمرور 800 عام على ميلاد الظاهر بيبرس

 

شهدت محافظة القاهرة اليوم، الأحد، افتتاح جامع الظاهر بيبرس بعد الانتهاء من مشروع ترميمه وإعماره، بعد نحو 225 عاما من الإغلاق، تزامنا مع مرور 800 عاما على ميلاد السلطان الظاهر بيبرس البندقداري.

 

وشارك أحمد عيسى وزير السياحة والآثار، افتتحه فضيلة الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والدكتور مولين أَشيمباييف رئيس مجلس الشيوخ ببرلمان جمهورية كازاخستان، بحضور الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، واللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، وفضيلة الشيخ نوريزباي حاج تاغانولي المفتي العام ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان، والدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، والسفير خيرات لاما شريف سفير كازاخستان بالقاهرة، والدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، وعدد من قيادات الوزارتين والمحافظة، والأزهر وجمهورية كازاخستان، والعميد هشام سمير مساعد وزير السياحة والآثار لمشروعات الآثار والمتاحف، والدكتور أبو بكر أحمد عبد الله المكلف بتسيير أعمال قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار.

 

وعقب الافتتاح قام الحضور بجولة داخل الجامع لتفقد الأعمال التي تم تنفيذها خلال مشروع الترميم، كما استمعوا إلى شرح مفصل من الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار عن مشروع الترميم، وتاريخ الجامع وعناصره المعمارية الفريدة.

 

وأعرب أحمد عيسى عن سعادته بافتتاح مسجد "الظاهر بيبرس البندقداري" بعد الانتهاء من مشروع ترميمه، واصفا المسجد بأنه أيقونة العمارة المملوكية في مصر، مؤكدا على الاهتمام البالغ الذي توليه الحكومة المصرية بملف الآثار وخاصة الآثار الإسلامية.

 

كما قدم وزير السياحة والآثار الشكر لكل من ساهم في ترميم هذا المسجد، باعثا برسالة للشعب الكازاخي رحب خلالها بوجودهم في مصر، موجها لهم الدعوة لزيارة هذا الصرح، لافتا إلى أن هناك 6 آلاف كازاخي قاموا بزيارة مصر الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تشهد مصر زيارة نحو 350 ألف إلى 400 ألف كازاخي هذا العام.

 

وأشار إلى أن هذا المسجد العريق له أهمية أثرية، وتاريخية، ودينية، وسياحية، بالإضافة إلى وزارة الأوقاف، وشركة المقاولون العرب، والمجلس الأعلى للآثار على ما قاموا به من مجهودات حثيثة وحرصهم وتعاونهم المثمر للانتهاء من مشروع الترميم لنشهد اليوم افتتاح المسجد من جديد.

 

وفي كلمته، أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن افتتاح مسجد الظاهر بيبرس اليوم يؤكد على اهتمام الدولة المصرية بتاريخها وحاضرها ومساجدها الأثرية، ففي عام واحد تم تطوير مسجد الحسين، ومسجد عمرو بن العاص بمنطقة مصر القديمة، لافتا إلى أن افتتاح هذا المسجد رسميا اليوم يأتي بعد نحو 225 عاما من الإغلاق لم يكن فيها الجامع يؤدي دوره كمسجد، حيث استخدم كقلعة حربية ثم مصنع للصابون ثم مخبز ومذبح.

 

وأضاف أن تكلفة مشروع ترميم المسجد بلغت نحو 237 مليون جنيه مصري، ساهم فيها الجانب الكازاخي الشقيق بنحو 4.5 مليون دولار عام 2007، بما يعادل نحو 27 مليون جنيه مصري في حينه، كما ساهمت وزارة الأوقاف بنحو 60 مليونا و500 ألف جنيه مصري من مواردها الذاتية، ونحو 150 مليون جنيه مصري من وزارة السياحة والآثار من بين مواردها الذاتية ودعم الدولة المصرية من وزارتي المالية والتخطيط. وأعلن أن صلاة الجمعة هذا الأسبوع سوف يتم بثها من جامع الظاهر بيبرس.

 

ومن جانبه، أعرب الدكتور مولين أشيمباييف عن سعادته بافتتاح المسجد اليوم بالتزامن مع الاحتفال بمرور 800 عام على ميلاد الظاهر بيبرس، ناقلا تحيات رئيس جمهورية كازاخستان بهذه المناسبة.

 

وأضاف أنه احتفالا بهذه المناسبة سوف تشهد الفترة القادمة إقامة ما يقرب من 600 فعالية داخل كازاخستان وخارجها ومنها ما سوف يعقد في مصر، والتي بدأت اليوم بافتتاح هذا المسجد، مثمنا العلاقات المتميزة التي تربط بين مصر وكازاخستان على مر التاريخ.

 

وفي سياق متصل، أوضح الدكتور مصطفي وزيري أمين عام المجلس الأعلى للآثار أن هذا الجامع ثالث أكبر المساجد الأثرية في مصر من حيث المساحة، بعد جامعي أحمد ابن طولون، والحاكم بأمر الله، حيث تبلغ مساحته ما يقرب من 3 أفدنة.

 

تفاصيل مشروع ترميم المسجد

واستعرض وزيري مراحل مشروع ترميم وإعمار جامع الظاهر بيبرس، حيث تم البدء عام 2007، ثم تعثر المشروع لعدة أسباب منذ عام 2011، حتى استؤنفت الأعمال عام 2018، والتي تضمنت تخفيض منسوب المياه الجوفية، والانتهاء من جميع الأعمال الإنشائية، والترميم الدقيق والمعماري للجامع، وتطوير نظم الإضاءة والتأمين به، كما تم خلال أعمال الترميم اكتشاف صهريج مياه أسفل أرضية صحن الجامع.

 

وتابع أنه تم تطوير الخدمات المقدمة لزائري لتحسين تجربتهم السياحية أثناء الزيارة حيث تم وضع لوحات ارشادية وتعريفية بالجامع، وتوفير كافة سبل الإتاحة للسياحة الميسرة من ذوي الهمم حتى يتسنى لهم زيارة المسجد بكل سهولة ويسر.

 

وأضاف العميد مهندس هشام سمير مساعد وزير السياحة والآثار لمشروعات الآثار والمتاحف، أن الأعمال شملت أيضا تنفيذ مرافق البنية الأساسية بكامل المشروع من أعمال تدعيم الأساسات والعزل والأعمال الإنشائية وأعمال شبكة تثبيت منسوب المياه الجوفية وتركيب منظومة إطفاء الحريق، وأعمال شبكة الكهرباء الداخلية والخارجية وتركيب وحدات الإضاءة الداخلية حيث تم عمل إضاءة بانورامية تخصصية عل وجهات ومداخل وبوابات المسجد من الخارج والداخل لإظهار جميع الزخارف والتفاصيل المعمارية لتكون أيقونة إضاءة جميلة للمسجد داخل ميدان الظاهر.

 

كما تم تنظيف الواجهات الحجرية الداخلية والخارجية للجامع بأحدث الطرق الميكانيكية المتبعة مع مراعاة الحفاظ على العناصر الحجرية ذات الزخارف الكتابية والنباتية والعمل على تقويتها وتدعيمها، بالإضافة إلى ترميم واستكمال الشبابيك الجصية الموجودة أعلى حوائط الجامع وترميم ومعالجة الأشرطة الجصية الداخلية التي تحتوي علي آيات قرآنية بإيوان القبلة، وترميم الأبواب الخاصة بمدخل الجامع وعمل التقوية والتعقيم والتسكيكك للأبواب، وكذلك أعمال إحلال وتجديد الميضأة الحديثة، وترميم المداخل التذكارية الحجرية الثلاثة.

 

تاريخ إنشاء المسجد

وقال الدكتور أبو بكر أحمد عبد الله المكلف بتسيير أعمال قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، إن مسجد الظاهر بيبرس أنشأه السلطان المملوكي البحري الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري ما بين عامي  1266م/ 1268م، لافتا إلى أن الظاهر بيبرس هو المؤسس الفعلي للدولة المملوكية البحرية ورابع السلاطين المماليك، الذي بدأ حياته في مصر لدى السلطان الصالح الأيوبي كمملوك.

 

وأضاف أن المسجد عانى الكثير من الإهمال أثناء الحملة الفرنسية على مصر، حيث حوله الفرنسيون إلى قلعة يتحصنون بها ونصبوا المدافع أعلى أسواره، ثم تحول لمصنع للصابون في عهد العثمانيين ومحمد علي باشا، ثم أُقيم به فرنا لخبر جراية العسكر، وفي نهاية القرن الـ19 الميلادي أزيل الفرن ونظف الموقع واستعمله الجيش الإنجليزي مخبزا ثم مذبحا، واستمر كذلك حتى عام 1915م، مشيرا إلى أنه تم ترميم المسجد أكثر من مرة حيث عانى من ارتفاع منسوب المياه الجوفية وتساقط دعامته وأعمدته.

 

التخطيط المعماري للمسجد

أما عن تخطيط المسجد، فأشار أنه يتبع التخطيط التقليدي للمساجد الإسلامية الذي يعتمد على وجود صحن أوسط مكشوف يحيط به أروقة أربعة أكبرها رواق القبلة التي كانت عقودها محمولة على أعمدة رخامية فيما عدا المشرفة منها على الصحن فقد كانت محمولة على أكتاف بنائية مستطيلة القطاع كذلك صف العقود الثالث من شرق كانت عقوده محمولة على أكتاف بنائية أيضا.

 

أما عقود القبة التي كانت تقع أمام المحراب فإنها مرتكزة على أكتاف مربعة بأركانها أعمدة مستديرة. وكانت هذه القبة كبيرة مرتفعة على عكس نظائرها في الجوامع السابقة فإنها كانت صغيرة متواضعة. أما وجهات الجامع الأربع فمبنية من الحجر الدستور فتحت بأعلاها شبابيك معقودة وتوجت بشرفات مسننة وامتازت بأبراجها المقامة بأركان الجامع الأربعة وبمداخلها الثلاثة البارزة عن سمت وجهاتها.

 

ويقع أكبر هذه المداخل وأهمها في منتصف الوجهة الغربية قبالة المحراب. وقد حلى هذا المدخل كما حلى المدخلان الآخران الواقعان بالوجهتين البحرية والقبلية بمختلف الزخارف والحلي فمن صفف معقودة بمخوصات إلى أخرى تنتهى بمقرنصات ذات محاريب مخوصة إلى غير ذلك من الوحدات الزخرفية الجميلة، اقتبس أغلبها من زخارف وجهات الجامع الأقمر وجامع الصالح طلائع ومدخل المدرسة الصالحية. وكانت المنارة تقع في منتصف الوجهة الغربية أعلى المدخل الغربي.