الآثار: الكشف عن أسرار مومياء الصبي الذهبي ببدروم المتحف المصري بالتحرير (تفاصيل)

كشفت الأشعة المقطعية والطباعة ثلاثية الأبعاد أسرار مومياء الصبي الذهبي المخزنة في بدروم المتحف المصري بالتحرير لأكثر من 100 عام، وتم نشر نتائج هذه الدراسات العلمية بمجلة "Frontiers in Medicine" اليوم، 24 يناير، والتي أسفرت عن الكشف عن هوية هذه المومياء وحالة حفظها وما تحتويه من أسرار.

 

ووفقا لبيان وزارة السياحة والآثار، تم العثور على هذه المومياء ملفوفة بالكامل بالكتان عام 1916، داخل مقبرة من العصر البطلمي (حوالي 300 ق.م) بمدينة إدفو بمحافظة أسوان، وتم نقلها وحفظها، آنذاك، ببدروم المتحف المصري بالتحرير دون فحص لأكثر من 100 عام.

 

وبدأ فحص المومياء لأول مرة عام 2015 من قبل الدكتورة سحر سليم، أستاذ الأشعة بكلية الطب جامعة القاهرة، بالتعاون مع صباح عبد الرازق مدير عام المتحف المصري بالتحرير، ومحمود الحلوجي المدير الأسبق للمتحف، باستخدام الأشعة المقطعية، بشكل آمن، من خلال الجهاز الموجود بالمتحف، واستخدام الأشعة المتقدمة وبرامج الكمبيوتر الحديثة، وكذلك الطباعة ثلاثية الأبعاد.

 

وأوضحت الدكتورة سحر سليم أن المومياء لصبي توفي عن عمر يناهز 15 عاما، وتم تحنيطها بإتقان كبير، وإزالة المخ من خلال فتحة الأنف ووضع الحشوات والراتنج داخل تجويف الجمجمة، كما تم إزالة الأحشاء من خلال شق صغير أسفل البطن ووضع الحشوات والراتنج بداخل الجسم، بينما حرص المحنطون على الإبقاء على القلب الذي تم رؤيته في صور الأشعة بداخل تجويف الصدر. وأضافت أن الأشعة أوضحت ما بداخل اللفائف حيث ترتدي المومياء قناعا ذهبيا، وصدرية مصنوعة من الكارتوناج، وصندلا من النسيج.

 

كما أوضحت صور الأشعات المقطعية الثنائية والثلاثية الأبعاد عن وجود نحو 49 تميمة مرتبة ترتيبا منمقا في 3 أعمدة بين طيات اللفائف الكتانية وبداخل تجويف المومياء. كما أظهرت الأشعة أيضا 21 شكلا مختلفا للتمائم، مثل عين المعبود حورس والجعران وتميمة الأفق والمشيمة وعقدة إيزيس والريشتان، وغيرهم.

 

ومن خلال نتائج قياسات الأشعة تبين أن 30 تميمة من التمائم المكتشفة داخل المومياء صنعت من الذهب بينما باقي التمائم صنعت من الأحجار أو الفيانس، بالإضافة إلى تميمة على شكل لسان من الذهب وضعت بداخل فم المتوفي ليتمكن من التكلم في العالم الآخر، كما يوجد تميمة على شكل أصبعين أسفل الجذع لحماية فتحة التحنيط، وتميمة أخرى كبيرة من الذهب لجعران القلب موجودة بداخل تجويف صدر المومياء، والذي تم عمل مستنسخ منه باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد.

 

وأكدت أن الدراسة كشفت عن وجه المومياء لأول مرة بعد إزالة اللفائف بشكل افتراضي بتقنية الأشعة المقطعية، حيث أتاحت الدراسة فرصة فريدة لاكتشاف أسرار تحنيط المومياء دون المساس باللفائف، وكما تركها المصريون القدماء.

 

ومن جانبها، قالت صباح عبد الرازق إن الدراسة ألقت الضوء على الحياة الاجتماعية في مصر القديمة منذ آلاف السنين، فأعطت الدراسة فهما عميقا لمعتقداتهم وطقوسهم الجنائزية، وبراعتهم التقنية في التحنيط والحرفية في صياغة التمائم وعمل الأقنعة والزخارف.

 

كما أشارت الدراسة على تقدير قدماء المصريين للأطفال، حيث تمتعت هذه المومياء بطقوس جنائزية مميزة تمكنها من البعث والحياة الأخرى حسب معتقدات المصريين القدماء، بالإضافة إلى إظهار المكانة الاجتماعية الرفيعة لصاحب المومياء فهو صبي حظي بطقوس جنائزية عالية المقام، إلى جانب حالته الصحية الجيدة حيث أنه كان يتمتع بأسنان وعظام سليمة وبلا علامات تدل علي أمراض أو أعراض سوء تغذية.

 

وساعد استخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في التصوير الطبي بالأشعة ثلاثية الأبعاد في تقديم رؤية قيمة للمومياء، مما دعم قرار إدارة المتحف المصري بالقاهرة لنقل المومياء من بدروم المتحف لعرضها داخل قاعات العرض به، حيث لقبت بـ "مومياء الصبي الذهبي".

 

وتساهم عرض صور الأشعة المقطعية بجانب المومياء في عرض متحفي مميز يمنح زوار المتحف تجربة فريدة تدعم تواصلهم مع الحضارة المصرية القديمة.