مدينة الفسطاط.. العاصمة الجديدة لولاية عمرو بن العاص.. التأسيس وتاريخ الحفائر

مدينة الفسطاط، تعد أول وأقدم العواصم الإسلامية إذ بنيت بعد الفتح العربي الإسلامي لمصر في عام 20هـ/ 641م، أنشأها عمرو بن العاص، لتأسيس العاصمة الجديدة، واختار هذا الموقع الذي كان خاليا من البناء والعمارة فيما عدا الحصن الروماني المعروف بحصن بابيلون.

 

وأطلق على العاصمة الجديدة اسم "الفسطاط" أي الخيمة، وتعرف حاليا باسم "حي مصر القديمة"، وهو من أعرق الأحياء بالقاهرة الكبري، حيث يضم العديد من المواقع الأثرية منها جامع عمرو بن العاص، الذي كان أول مبني يتم إقامته بالمدينة، بالاضافة إلى عدد من الكنائس منها الكنيسة المعلقة و كنيسة ابي سرجة التي بنيت فوق المغارة التي احتمت فيها  العائلة المقدسة أثناء رحلتها في مصر، و كذلك معبد بن عزرا اليهودي، وحفائر أطلال مدينة الفسطاط، ومقياس النيل بجزيرة الروضة، وقصر المانسترلي، وقصر محمد علي بالمنيل.

 

تخطيط مدينة الفسطاط

تشير المصادر التاريخية إلى أن أول ما تم إنشاؤه في المدينة كان مسجد عمرو بن العاص فهو أول بناء اختط في المدينة تلاه إنشاء دار الإمارة والتي جرت العاده على إنشائها لسكن الولاه منذ العصر الإسلامي المبكر، ثم شيدت البيوت حوله، وسرعان ما اتخذت الفسطاط مظهر المدينة بجامعها الكبير وبأسواقها التجارية التي أحاطت به، وبدور السكن وكثرت بها الحارات والأزقة والدروب، التي تعتبر مظهرا من مظاهر التوسع العمراني والازدهار الاقتصادي.

 

وفي آواخر العصر الفاطمي تعرضت المدينة لحريق ضخم أدى إلى احتراق نصف المدينة الشرقي، وبمرور الوقت تحول هذا النصف الشرقي إلى تلال، وظلت هكذا حتى عام 1912م، حين بدأت أولى الحفائر الأثرية بها.

 

تاريخ الحفائر الأثرية بالفسطاط

حفائر ما بين أعوام 1912 – 1920

بدأت الحفائر الأثرية والعلمية في مدينة الفسطاط خلال القرن العشرين عن طريق مصلحة الأثار المصرية حينذاك، والتي قام بها عالم الآثار المصري علي بهجت، والمهندس الفرنسي ألبرت جبرائيل، حيث قاما بعمل حفائر منظمة نتج عنها الكشف عن بعض بيوت ومنشآت مدينة الفسطاط ترجع لفترات متلاحقة بدءا من العصر الطولوني وحتى العصر الفاطمي أي منذ القرن الـ9 وحتى القرن 12 الميلادي.

وتعرف هذه البيوت "ببيوت الفسطاط"، وتم بناؤها من الطوب الأحمر وتتكون من صحن مكشوف وقاعة رئيسية ومجموعة من الحجرات علاوة علي حديقة، و كان يصل ارتفاع هذه البيوت إلى أربعة طوابق. ولا تزال بقايا هذه البيوت موجودة حتى الآن، ولكن يتراوح ارتفاع بقاياها ما بين 50 سم وحتى 2.5 متر كما لا يزال أغلبها محتفظا بوسائل تزويد وتصريف المياه حتى الآن.

 

أما التحف الأثرية التي تم الكشف عنها أثناء الحفائر فتم حفظها، وعرضها بمتحف الفن الإسلامي ومنها برديات، ونسيج، وعملات، وخزف، وغيرها.

 

حفائر عام 1932م عالم الآثار حسن الهواري

قام حسن الهواري باستكمال أعمال الحفائر التي بدأها علي بهجت حيث اكتشف بقايا البيت الطولوني والذي يعود تاريخه للقرن الثالث الهجري حين تولى أحمد بن طولون ولاية مصر واستقل عن الخلافة العباسية، وكذلك بقايا الحمام الفاطمي.

ثم توالت أعمال الحفائر بالمدينة وهي حفائر الدكتور جمال محرز سنة 1964م، ثم حفائر كلية الآثار جامعة القاهرة برئاسة  سعاد ماهر فيما بين عامي 1973-1975 في منطقة جامع الأولياء، وحفائر البعثة المصرية الأمريكية خلف جامع ابو السعود  علي يد العالمان جورج اسكانلون وكوبياك، وحفائر المعهد الفرنسي بمنطقة اسطبل عنتر، بالإضافة إلى حفائر البعثة المشتركة ما بين مركز دراسات الشرق الأوسط الياباني مع تفتيش آثار الفسطاط ومركز البحوث الأمريكي بمنطقة الفواخير خلف جامع عمرو بن العاص.