افتتاح قبة ضريح الإمام الشافعي.. أحد أهم الآثار الإسلامية في مصر

افتتح الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، والدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، واللواء خالد عبدالعال محافظ القاهرة، والدكتور علي جمعة رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، والسفير جوناثان كوهين سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة، ظهر اليوم، القبة الضريحية للإمام الشافعي، وذلك بعد الانتهاء من مشروع ترميمها وصيانتها.

 

وتفقد الوزيران والمحافظ ورئيس اللجنة الدينية والسفير، أعمال مشروع ترميم القبة، بحضور الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والعميد مهندس هشام سمير مساعد وزير السياحة والآثار للشئون الهندسية بالمتاحف والمواقع الأثرية، والمشرف على مشروع القاهرة التاريخية، والدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار.

 

وأعرب الدكتور خالد العناني عن سعادته، للانتهاء من هذا المشروع الضخم، الذي استمر قرابة الـ5 سنوات، بتكلفة مقدارها أكثر من 22 مليون جنيه، واصفا افتتاح مشروع ترميم قبة ضريح الإمام الشافعي بأنه "أفضل احتفال بيوم التراث العالمي"، وأكد أن هذا المشروع هو تجسيد للدور الذي تقوم به الوزارة في الحفاظ على الآثار المصرية عامة، والإسلامية خاصة، سواء بالتمويل الذاتي، أو بالتعاون مع بعض الجهات الدولية، حيث قامت الوزارة في شهر نوفمبر الماضي، بافتتاح مسجد الإمام الشافعي الملاصق للقبة، بتمويل من وزارة الأوقاف.

 

وأشار إلى أن هذا المشروع ساهم في إضافة منطقة جذب سياحي جديدة للزائرين، حيث إن القبة هي أحد أهم الآثار الإسلامية في مصر، وواحدة من أشهر القباب الضريحية بها، ليس فقط لعمارتها وقبتها الخشبية الأضخم، لكن لأنها ضريح الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي، أحد اللائمة الأربعة، ومؤسس المذهب الشافعي والقاضي والفقيه والرحالة والشاعر.

 

وأضاف أن مبنى القبة يتضمن أمثلة نادرة للزخارف الجصية والأعمال الخشبية المزخرفة وتكوينات بديعة من الخشب الملون بأنماط مميزة، ليصبح المبنى سجلا بصريا لطرز الزخارف الإسلامية على مر العصور، وفي نهاية كلمته، شكر وزير السياحة والآثار، السفير، وجميع القائمين على هذا العمل، لإخراجه بهذا المنظر الرائع.

 

ومن جانبه، قال السفير جوناثان كوهين، إنه يسر الولايات المتحدة أن تدعم صيانة ضريح الشافعي، من خلال صندوق السفراء للحفاظ على التراث الثقافي، ويضمن هذا العمل أن يكون رمزا مهما للتاريخ الديني والعمارة الإسلامية في مصر، متاحا للزوار، ويعد هذا المشروع جزءا من استثماراتنا البالغة 100 مليون دولار على مدار الـ25 عاما الماضية، التي تهدف للحفاظ وترميم وحماية أكثر من 85 موقعا للتراث الثقافي والديني في جميع أنحاء مصر.

 

وأوضح العميد مهندس هشام سمير، أن مشروع الترميم المنفذ في الفترة بين 2016 و2021، استهدف معالجة عدد من مظاهر التداعيات الإنشائية والمعمارية، حيث تضمنت أعمال الترميم الخارجية ترميم الجص المزخرف، أما عن الأعمال الداخلية فتضمنت ترميم الأخشاب الملونة، والتكسيات الرخامية الملونة، بالإضافة إلى الإصلاحات الإنشائية للمباني، وأعمال ترميم الأسقف والتبليط، وكذلك مجموعة من أعمال الترميم الخاصة، مثل ترميم التوابيت الخشبية والمقصورات والتكسيات الرصاص، والعشاري، وهو المركب الذي يعلو القبة، كما تم تطوير نظام الإضاءة وإضافة لوحات توضيحية تشرح القبة ومكوناتها للزائرين، بالإضافة إلى توثيق مبنى القبة وتفاصيله الزخرفية توثيقا شاملا.

 

وقالت مي الإبراشي، مدير مشروع ترميم قبة الإمام الشافعي، إن مكتب "مجاورة للعمران" قام بتنفيذ مشروع ترميم قبة الإمام الشافعي، ضمن إطار عمل مبادرة "الأثر لنا"، والتي يديرها بالشراكة مع جمعية الفكر العمراني، وذلك تحت إشراف وزارة السياحة والآثار، ممثلة في قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، والإدارة العامة للقاهرة التاريخية، بدعم من صندوق السفراء الأمريكي للحفاظ على التراث الثقافي، بدعم إضافي من مؤسسة بركات، وصندوق الأمير كلاوس، ومؤسسة ألف.

 

وأثناء أعمال مشروع ترميم قبة الإمام الشافعي، تم العثور في الأرضية على بقايا جدران قبة فاطمية، لم تُذكر من قبل في المصادر التاريخية، وأشرطة كتابية، خلف عناصر معمارية أحدث، بالإضافة إلى عناصر زخرفية مستترة خلف طبقات من الطلاء الحديث، مشيرة إلى أن هذه الاكتشافات الجديدة، التي تم إظهارها وتوثيقها بالقبة الأثرية، تعتبر إضافة بالغة الأهمية لعمران القبة الضريحية وتطورها، وقد قام فريق العمل بإعداد مقترح تفصيلي لعمل مركز للزوار يتم استحداثه بالموقع، لعرض المكتشفات وسرد قصة القبة ومحيطها بأسلوب تفاعلي شيق.

 

وأشار الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، إلى أن القبة الضريحية للإمام الشافعي تقع بجوار مسجد الإمام الشافعي، وتحديدا بقرافة الإمام الشافعى بالقاهرة، وشيد هذه القبة الضريحية، السلطان الكامل الأيوبي عام 1211م/ 608هـ، أعلى قبر الإمام الشافعي، إكراما وتعظيما له.

 

والإمام الشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع، المعروف باسم "الإمام الشافعي"، ولد في غزة عام 150هـ/ 767م، ونشأ في مكة المكرمة، ودرس على يد الإمام مالك صاحب المذهب المالكي في الفقه السني، ثم استقل بمذهبه الخاص (الشافعي)، وقدم إلى مصر عام 198هـ/ 813م، وألقى دروسه في جامع عمرو بن العاص، ونبغ على يديه العديد من العلماء المصريين، وتوفي عام 204هـ/ 819 م ودفن في تربة أولاد ابن عبدالحكم في القرافة الصغرى.

 

وفي عهد صلاح الدين الأيوبي، قام ببناء تربة الشافعي عام 572هـ/ 1176م، وهي أول مبنى يقوم على قبر الشافعي، وينسب الضريح الحالي إلى السلطان الأيوبي الكامل محمد، الذي شيده مكان ضريح فاطمي سابق بعد دفن والدته هناك عام 608هـ/ 1211م، وفي عام 574هـ/ 1178م، تم الانتهاء من عمل التابوت الخشبي الذي يعلو التربة، وهو مزخرف بحشوات هندسية منقوشة نقشا غاية في الاتقان، وكتب عليه آيات قرآنية وترجمة حياة الشافعي واسم صانعه (عبيد النجار) بالخطين الكوفي والنسخ الأيوبي، أما القبة الخشبية الحالية فهي من التجديدات التي قام بها السلطان قايتباي عام 885هـ/ 1480م، كما جدد الضريح أيضا السلطان قانصوه الغوري، وقام والي مصر علي بك الكبير أيضا بتجديده.