كشف أثري في سقارة لمعبد جنائزي لزوجة الملك تتي وآبار دفن وتوابيت تعود للدولة الحديثة

صرح الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بأن البعثة المصرية المشتركة بين المجلس، ومركز زاهي حواس للمصريات بمكتبة الإسكندرية، والتي تعمل في منطقة آثار سقارة بجوار هرم الملك تتي، أول ملوك الأسرة السادسة من الدولة القديمة، عن اكتشافات أثرية هامة تعود إلى الدولتين القديمة والحديثة، والعصور المتأخرة.

 

وقال الدكتور زاهي حواس عالم الآثار المصرية ورئيس البعثة، إن هذه الاكتشافات سوف تعيد كتابة تاريخ هذه المنطقة وخاصة خلال الأسرتين 18 و19 من الدولة الحديثة، وهي الفترة التي تم فيها عبادة الملك تتي، وكان يتم الدفن في ذلك الوقت حول هرمه.

وأعلن الدكتور زاهي حواس أن البعثة عثرت على المعبد الجنائزي الخاص بالملكة نعرت زوجة الملك تتي، والذي تم الكشف عن جزء منه في الأعوام السابقة للبعثة، مشيرا إلى أيضا على تخطيط المعبد، بالإضافة إلى 3 مخازن مبنية من الطوب اللبن في الناحية الجنوبية الشرقية منه، لتخزين القرابين والأدوات التي كانت تستخدم في إحياء عقيدة الملكة.

 

وأضاف أنه تم  العثور على 52 بئرا تتراوح أعماقها ما بين 10 إلى 12 مترا، بداخلها أكثر من 50 تابوتا خشبيا من عصر الدولة الحديثة، وهذه هي المرة الأولى التي يتم العثور فيها بمنطقة سقارة على توابيت يعود عمرها إلى 3 آلاف عام، وهذه التوابيت ذات هيئة آدمية وممثل على سطحها العديد من مناظر الآلهة التي كانت تعبد خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى أجزاء مختلفة من نصوص كتاب الموتى والتي تساعد المتوفى على اجتياز رحلته إلى العالم الآخر، وعثرت البعثة داخل الآبار على أعداد كبيرة من المشغولات الأثرية وتماثيل على هيئة المعبودات مثل الآلهة أوزير، وبتاح، وسوكر.

 

 

وأشار إلى كشف فريد من نوعه حيث عثرت البعثة على بردية يصل طولها إلى 4 أمتار، وعرضها متر واحد، تمثل الفصل الـ 17 من كتاب الموتى، ومسجل عليها اسم صاحبها وهو (بو-خع-اف)، وقد وجد نفس الاسم مسجل على أربعة تماثيل أوشابتي، كما تم العثور على تابوت خشبي على الهيئة الآدمية لنفس الشخص، بالإضافة إلى العديد من تماثيل الأوشابتي من الخشب والحجر الفيانس من عصر الدولة الحديثة.

 

 

 

بالإضافة إلى مجموعة من الأقنعة الخشبية وكذلك مقصورة الإله أنوبيس إله الجبانة، وعثر له على تماثيل بحالة جيدة، وكذلك العديد من الألعاب التي كان يلعب بها المتوفى في العالم الآخر مثل لعبة (السنت)، التي تشبه الشطرنج حاليا، وكذلك لعبة "العشرين" مسجل عليها اسم الشخص الذي كان يلعب بها.

 

كما تم العثور على العديد من القطع الأثرية التي تمثل طيور، وبلطة من البرونز تدل على أن صاحبها كان أحد قادة الجيش في عصر الدولة الحديثة، والعديد من اللوحات المنقوشة عليها مناظر المتوفى وزوجته وكتابات الهيروغليفية، من أجملها لوحة من الحجر الجيري في حالة جيدة من الحفظ، مصور عليها منظر متوفى يدعى (خو-بتاح) وزوجته تدعى (موت-ام-ويا)، والصف العلوي من اللوحة يصور المتوفى وزوجته في وضع تعبدي أمام المعبود أوزير، والصف السفلي يصور المتوفى جالسا وزوجته خلفه، وتحت كرسي الزوجة مثلت إحدى بناتهما جالسة تقرب إلى أنفها زهرة اللوتس ويزين رأسها بالقمع العطري.

يوجد أمام الزوجان 6 من الأبناء على صفين، حيث نجد الصف العلوي به ثلاثة من بناتهما جالسات على الأرض يقربون زهرة اللوتس من أنوفهم ويغطين رؤوسهن أقماع العطر، أما الصف السفلي به ثلاثة من الأبناء الذكور في وضع الوقوف أمام المتوفى وزوجته.

 

وأوضح حواس أنه من الملفت للنظر هو أن إحدى البنات تحمل اسم (نفرتاري)، سميت باسم الزوجة المحببة لدى الملك رمسيس الثاني، وحمل اسم أحد الأبناء (خع-ام-واست) وهو اسم أحد أبناء الملك رمسيس الثاني، ويعتبر حكيم العصر، ويطلق عليه أنه أول عالم مصريات حيث كان يرمم آثار أجداده، أما ألقاب صاحب اللوحة فكان المشرف على العجلة الحربية للملك مما يدل على مكانته الهامة في الأسرة 19، كما تم العثور على كميات رائعة من الفخار الذي يعود إلى الدولة الحديثة ومنه فخار يثبت العلاقات التجارية بين مصر، وكريت، وكذلك سوريا وفلسطين.

 

ولفت إلى أن هذا الكشف يؤكد على أن منطقة آثار سقارة لم تستغل في الدفن خلال العصر المتأخر فقط بل وكذلك في الدولة الحديثة، كما أثبت وجود العديد من الورش التي تنتج هذه التوابيت والتي كان يتم شراؤها عن طريق الأهالي، وكذلك ورش خاصة بالتحنيط، وقامت البعثة بدراسة الومياوات المكتشفة بالتعاون مع قسم الأشعة بمستشفى القصر العيني، إحداها لسيدة، وأخرى لطفل.

 

وأشار الدكتور حواس إلى أن البعثة كشفت عن مقصورة ضخمة من الطوب اللبن ترجع إلى عصر الدولة الحديثة ذات بئر يصل عمقه حتى الآن إلى 24 مترا ولم نصل بعد إلى نهايته، ومن المتوقع أن ينتهي بحجرة للدفن، ورصفت أرضية تلك المقصورة بكتل من الحجر الجيري المصقول صقلا جيدا، وغطى الجزء العلوي من فوهة البئر بالأحجار، ولا يزال العمل جاريا ويعتقد الدكتور زاهي حواس أن هذا البئر لم يصل إليه اللصوص وسوف يتم الكشف عنه كاملا.