شركات الطيران الأسيوية تطبق أقصى معايير السلامة للتعافي من كورونا

مثل كل شركات الطيران حول العالم، مازالت الشركات الأسيوية تكافح ضد أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، متخذة كل ما في وسعها من إجراءات وقائية لطمأنة المسافرين والحفاظ على سلامتهم، في محاولة لاستعادة رحلاتها المنتظمة وتخطي الأزمة الاقتصادية التي تهدد بقائها.

 

ومن بين هذه الشركات، خطوط الطيران الفلبينية، التي كشفت عن الزي الرسمي الجديد لطاقم الطائرة، في منتصف أبريل الماضي، والذي تم تصميمه بمساعدة مصممين أزياء وخبراء طبيين، ليتضمن شعار العلم الفلبيني ومعدات وقاية شخصية ومواد معتمدة طبيا للحفاظ على سلامة طاقم الطائرة والمسافرين.

 

وقال سيلو فيلالونا، المتحدث باسم الشركة لـ "Nikkei Asian Review"، أن هذا الزي الرسمي سيكون جزء من الوضع الطبيعي الجديد حيث سيستمر طالما كان ضروريا، وهو يعتبر واحد من الإجراءات البسيطة التي طورتها الشركة لمكافحة انتشار كورونا، الأمر الذي يعد علامة على أن شركات الطيران الآسيوية تستعد لمعركة طويلة.

 

إجراءات السلامة والأمان

 

ففي جميع أنحاء آسيا، أقدمت شركات الطيران على تغيير خطط المقاعد للمحافظة على شروط التباعد الاجتماعي، وإجراء فحوصات درجة الحرارة، وتخفيض أو إلغاء الخدمات على متن الطائرة، مثل بيع الأطعمة والمشروبات والتسوق بدون رسوم جمركية، كل هذا في محاولة لإقناع الركاب والمنظمين، أنها أصبحت آمنة للطيران مجددا.

 

وقال بيتر هاربيسون، الرئيس الفخري لشركة أبحاث الطيران "CAPA"، أنه سيتم البدء في إجراء فحوصات صحية في المطار، كما سيكون ضروريا الحفاظ على مسافة أكبر بين المسافرين على متن الطائرات، وكذلك سيتم فرض قيود على عدد الأشخاص المتواجدين في الأماكن الضيقة عند الوصول.

 

وفي الوقت الحالي، تم إدخال إجراءات سلامة مكثفة على أغلب الرحلات الجوية التي تم تشغيلها لإعادة المواطنين العالقين إلى بلادهم، في حين لا تزال الخدمة المنتظمة معلقة في معظم أنحاء المنطقة.

 

حيث تقوم شركة "Garuda Indonesia" بفحص درجة حرارة الركاب والطواقم، وتطلب من الركاب ترك مقعد فارغ بين بعضهم البعض، كما ركبت أيضا مرشحات هواء جسيمات عالية الكفاءة من نوع "HEPA" على جميع طائراتها، وصرحت بأن هذه الإجراءات بدون أي تكاليف إضافية لأن نسبة الركاب على متن الطائرة في ظل الأزمة الحالية منخفضة، ولذلك يمكنهم تطبيق قواعد المسافة بين الركاب دون الحاجة إلى تشغيل رحلة إضافية.

 

وفي الوقت نفسه، اتجهت خطوط "كاثي باسيفيك" الجوية، التي تعمل بنسبة 3% فقط من طاقتها في شهري أبريل الماضي ومايو الجاري، إلى تبسيط خدمات الوجبات وإيقاف التسوق المعفى من الرسوم الجمركية على رحلاتها في البر الرئيسي للصين، وتوقفت عن تقديم وسائل الراحة مثل البطانيات والمجلات.

 

وتعتقد عديد من شركات الطيران، ومن بينهم خطوط الطيران الفلبينية وشركة "إير آسيا" الماليزية، أن مثل هذه الإجراءات ستظل كما هي حتى بعد رفع عمليات الإغلاق واستئناف الرحلات المنتظمة.

 

وقال بو لينجام، رئيس مجموعة "إير آسيا"، أن الشركة اقترحت تطبيق شروط قواعد التباعد الاجتماعي على متن الطائرة وفحص الركاب قبل الرحلة وأثناءها وبعدها، من أجل الحصول على الدعم التنظيمي لاستئناف الخدمة، مؤكدا أن هذا لا يزال خاضعا لقواعد وأنظمة كل بلد، وأنهم مازالوا في انتظار رد السلطات المختصة على هذا الاقتراح.

 

وفي حين أن "آير آسيا" استأنفت رحلاتها الداخلية في ماليزيا منذ يوم الأربعاء الماضي، إلا أنها تخطط لاستئناف الرحلات الجوية في كل من تايلاند والفلبين والهند وإندونيسيا بحلول أوائل مايو الجارى، ولكنها مازالت تنتظر موافقة السلطات.

 

وتشمل الإجراءات، التي من المتوقع أن تظل سارية المفعول بمجرد إعادة تشغيل شركات الطيران، وجود مسافة متر واحد على الأقل بين الركاب عند مكاتب تسجيل الوصول، والاحتفاظ بمقعد فارغ بين المسافرين، وتجنب الازدحام في أي وقت وتوفير معقم للموظفين والركاب أثناء الصعود.

 

وفي الأسبوع الماضي، أخبرت شولا سوكمانوب، المدير العام لهيئة الطيران المدني في تايلاند، أكثر من 20 ممثلا لشركات الطيران التايلندية والدولية أنه سيكون على شركات الطيران أن تترك كل مقعد ثاني في الطائرة فارغا، وأن تطبق إجراءات التباعد الاجتماعي في كل خطوة، بدءا من تسجيل الوصول والإقلاع إلى الهبوط والنزول، من بين إجراءات كثيرة أخرى.

 

آراء متضاربة

 

وفي المقابل، رفضت بعض الشركات الإقرار بأن هذه الإجراءات ستكون الوضع الطبيعي الجديد، ففي الوقت الذي علقت فيه شركة "EVA Airways of Taiwan"، خدمة تقديم وجبات الطعام عند الطلب، فيما يرتدي طواقم طائراتها معدات وقاية شخصية، مثل الأقنعة والنظارات الواقية، ويطلب من جميع الركاب ارتداء أقنعة إلا عند تناول الطعام، صرحت الشركة بأن هذه الإجراءات الوقائية مقتصرة فقط على فترة الوقاية من الأوبئة.

 

وقال مسئول تنفيذي من شركة طيران آسيوية أخرى، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الشركة تعارض فكرة الترويج للتباعد الاجتماعي، ولكنها في نفس الوقت تستخدم مرشحات "HEPA" مثل "Garuda Indonesia"، من أجل توصيل رسالة للركاب مفادها أن الهواء على متن الطائرة هو الأنقى في العالم.

 

خسائر فادحة وتعافي بطئ

 

وفي سياق متصل، يتوقع هاربيسون، أن أعداد الطائرات سيقل بشكل كبير لعدة سنوات قادمة على الصعيد الدولي، حيث أنها قد لا تتمكن من استقبال سوى نصف عدد ركابها فقط في المستقبل، خاصة وأن الزيادة في عدد المقاعد الشاغرة تعني زيادة في تكلفة المقعد الواحد، وسيترتب على ذلك ارتفاع في الأسعار لتغطية تلك التكاليف.

 

وبالمثل، يتوقع سوبهاس مينون، المدير العام للمجموعة التجارية الإقليمية لرابطة آسيا والمحيط الهادئ للخطوط الجوية، أن عودة حركة الطيران لوضعها الطبيعي ستكون بطيئة، قائلا أن هذا الوباء سيستغرق وقتا حتى يتلاشى، وأنه على الجميع أن يتعلم كيف يتكيف وفقا لذلك، مؤكدا أنه سيكون من الضروري طمأنة المسافرين باتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية رحلتهم وتسهيل السفر عبر الحدود على نطاق أوسع.

 

في حين أن أزمة انتشار فيروس كورونا تسببت بالفعل في انكماش تاريخي لقطاع الطيران، فوفقا للاتحاد الدولي للنقل الجوي، ستنخفض إيرادات ركاب خطوط الطيران في آسيا والمحيط الهادئ بنحو 113 مليار دولار في عام 2020 مقارنة بالعام الماضي، مع انخفاض إيرادات الركاب العالمية بنسبة 55% لتصل إلى 314 مليار دولار.

ودعا اتحاد النقل الجوي الدولي "IATA"، بالاشتراك مع الاتحاد الدولي لعمال النقل، الحكومات إلى دعم شركات الطيران، حيث انخفض الطلب على السفر عالميا بنسبة 80%، وحذر الاتحاد من أن الشركات تواجه أزمة سيولة تهدد بقاء 25 مليون وظيفة تعتمد بشكل مباشر وغير مباشر على الطيران بما في ذلك وظائف في قطاعي السياحة والضيافة.

 

ويعتقد الكثيرين أنه بمجرد احتواء الوباء، ستواجه شركات الطيران طريقا طويلا للتعافي، حيث قال هاربيسون أن قطاع الطيران في المستقبل لن يكون كما كان من قبل، وأنه ستمر فترة طويلة قبل أن يتمكن الطيران الدولي من الازدهار مرة أخرى.