انهيار تاريخي في أسعار البترول الأمريكي بسبب كورونا

تراجعت أسعار البترول الأمريكي إلى ما تحت الصفر للمرة الأولى في التاريخ بسبب أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد في أنحاء الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يعني أن شركات النفط تدفع حاليا لعملائها كي يشترون منتجاتها خوفا من تراكم مخزون الخام لديها خلال الشهر المقبل.

 

ووفقا لما نقلته "بي بي سي"، فإن تراجع الطلب على النفط ومشتقاته خلال الأشهر الماضية كان بسبب إجراءات وقيود الإغلاق إثر تفشي وباء كورونا، واضطرار الناس للبقاء في منازلهم، وتوقف العمل في العديد من المصانع، مما أدى إلى انخفاض غير مسبوق في سعر البرميل إلى -37.63 دولار في الولايات المتحدة.

 

وكنتيجة لذلك، اضطرت الشركات إلى استئجار ناقلات نفط ضخمة لتخزين الخام الفائض، ولكن كوسيلة لتقليل الخسائر، حرصت الشركات للتخلص من الفائض بأي سعر، لتجنب الاضطرار إلى استلام النفط وتحمل تكاليف التخزين.

 

وأوضح ستيوارت جليكمان، خبير النفط في مركز أبحاث "سي إف إر إو"، أن صدمة انخفاض الطلب ضخمة لدرجة أنها تتخطى كل التوقعات السابقة، وأضاف أن التراجع التاريخي في أسعار النفط يذكر الجميع بالعقبات التي تواجهها شركات النفط العالمية، محذرا من إمكانية تراجع تعاقدات شهر يونيو إذا استمرت حالة الإغلاق الاقتصادي في أغلب أنحاء العالم.

 

فيما عبر عن عدم تفاؤله قائلا: "أنا حقا لست متفائلا بشأن مستقبل شركات النفط أو أسعار النفط".

يذكر أن تعاقدات تسليم شهر يونيو المقبل، وصل سعر البرميل فيها إلى 20 دولار فقط، فيما تراجع معيار "خام برنت"، الذي تستخدمه أوروبا وباقي دول العالم، في نفس الفترة بنسبة 8.9% ليصل إلى أقل من 26 دولار.

 

ومن جانبه، صرح لوبي الأعمال لقطاع النفط والغاز في المملكة المتحدة "OGUK"، أن السعر السلبي للنفط الأمريكي سيؤثر على الشركات العاملة في بحر الشمال.

 

حيث أوضحت ديردري ميشي ، رئيسة الشركة، أنه رغم اختلاف ديناميكية السوق الأمريكي عن الديناميكية التي تقود إنتاج المملكة المتحدة "برنت" بشكل مباشر، فإنهم لن يفلتوا من تأثير الأزمة، وقالت "إن دولتنا ليست مجرد سوق تجاري، فكل قرش نخسره، يسبب مزيد من القلق حول الوظائف".

 

ووفقا لتحليل "بي بي سي"، فإن أسعار النفط العالمية تأثرت بعاملين رئيسيين خلال الأشهر الماضية، وهما تراجع الطلب العالمي والصراع الواضح والمعلن بين منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وروسيا بسبب الخلافات على حجم الإنتاج اليومي.

 

ففي وقت سابق من الشهر الجاري، اتفق أعضاء أوبك وحلفاؤهم على صفقة تاريخية لتخفيض المنتج اليومي بنحو 10%، وهو ما يعد أكبر تخفيض من نوعه، ولكن رغم ذلك يرى الخبراء أنه غير كاف لتغيير الوضع الراهن.

 

وقال أندرو ووكر، مراسل "بي بي سي" الاقتصادي، أن الاتفاق الأخير بين أوبك وروسيا سيؤدي إلى تراجع المعروض، في نفس الوقت الذي قررت فيه شركات النفط الكبرى في العالم وفي الولايات المتحدة تخفيض الإنتاج اليومي.

 

ورغم ذلك، يظن ووكر أنه هذا لن يحدث فارقا كبيرا، حيث أنه هناك بالفعل الكثير من الخام في العالم وهو فائض أكبر مما يمكن استهلاكه، كما أن الأمر لا يتوقف فقط على عدم قدرة العالم على استهلاك هذا الكم من الخام، بل أن الأزمة الأكبر هي عدم القدرة على تخزينه حتى يتم تخفيف القيود الاقتصادية الراهنة.