وزير الآثار: بدء إعادة إعمار مسجد الظاهر بيبرس مع الحفاظ على طابعه التاريخي

 

سفير كازاخستان بالقاهرة: المسجد له قيمة تاريخية ودينية للشعب الكازاخي وهو وجهتهم الأولى في المعالم الأثرية بمصر


كتب- أكرم مدحت

 

تفقد الدكتور خالد العناني وزير الآثار اليوم مسجد الظاهر بيبرس بمنطقة الظاهر بالقاهرة، وذلك للوقوف على أعمال بدء مشروع ترميم وإعادة إعمار المسجد، والذي بدأته الوزارة في يوليو 2007، ثم توقف منذ عام 2011 حتى الآن.

 

رافقه خلال الجولة المهندس محسن صلاح رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب، والسفير الكازاخستاني بالقاهرة، والنائب محمد حامد عضو مجلس النواب، والدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والعميد هشام سمير مساعد وزير الآثار للشئون الهندسية، ومحمد عبدالعزيز مدير عام مشروع القاهرة التاريخية.

 

 

وصرح العناني خلال الجولة بأن الوزارة ستعمل على إنجاز المشروع بالصورة التى تليق بالقيمة التاريخية والدينية والفنية والسياسية للمسجد مع الحفاظ علي الطابع الأثري والمعماري له، وأن الوزارة حريصة على عدم توقف مشروع الترميم، وأشاد بدور شركة المقاولين العرب التي لم تترك موقع الجامع خلال سنوات التوقف، واستمرت في شفط المياه الجوفية منه بالطلبات الخاصة بها.

 

 

وأشار العناني إلى أنه منذ توليه وزارة الآثار قابل سفير كازاخستان بالقاهرة والتي تربطنا بها علاقات صداقة قوية للعمل على حل كافة العقبات والمشاكل التي قابلت المشروع، وخلال العام والنصف الماضية تم حل كافة العقبات واستئناف الأعمال بالمشروع، والاتفاق على فروق الأسعار نظرا تغيير سعر الصرف.

 

وأضاف أن مشروع الترميم سيأخذ وقت لأن العمل في الآثار يتطلب مهارات وتقنية ذات طابع خاص واستخدامات يدوية كما ان الطابع للمعماري للمسجد يتطلب استخدام مواد معينة تحتاج إلى تصنيع خاص.

 

مشيرا إلى أن المسجد في حالة سيئة من الحفظ حيث واجهته مشاكل مالية وفنية وأثرية في أعمال الترميم، مما أدى إلى توقفه.

 

 

ومن جانبه، عبر سفير كازاخستان عن شكره وتقديره للحكومة المصرية وشركة المقاولون العرب للاهتمام بالمشروع، وما يبذلونه من جهد وعمل لاستئناف العمل بالمشروع، لافتا إلى ما يجسده هذا المسجد من قيمة تاريخية ودينية للشعب الكازاخستاني حيث يزور مصر 120 ألف سائح كازاخستاني كل عام، ويتوجهون إلى الجامع قبل زيارة الأهرامات فهو وجهتهم الأولى بين المعالم الأثرية في مصر.

 

 

وأكد المهندس محسن صلاح على أن شركة المقاولون العرب تحافظ على الحالة الإنشائية والأثرية للمسجد خلال تنفيذ مشروع الترميم، وأن الأعمال ستكون على مستوى عالي من الكفاءة.

 

وفي سياق متصل، أوضح محمد عبدالعزيز أنه من المتوقع الانتهاء من أعمال ترميم المسجد مابين عام إلى عام ونصف، حيث تم الانتهاء من عمل كافة الدراسات الخاصة بالمشروع من قبل لجنة مختصة ومشكلة من وزارة الآثار ووزارة الإسكان وهيئة الخدمات الحكومية وشركة المقاولون العرب، والتي أقرت الأسعار التعاقدية والاعتماد المالي للمشروع بمبلغ 100 مليون جنيه، وساهمت دولة كازاخستان في تمويل المشروع بمنحة قيمتها 4.5 مليون دولار.

 

 

 

وأضاف عبدالعزيز أنه تم البدء في المشروع حيث جاري إزالة الحشائش الموجودة بالمسجد وتزويد الجامع بالطلمبات اللازمة لشفط المياه الجوفية التي غمرت المنطقة، كما سيتم استأناف اعمال الترميم متضمنه أعمال تخفيض منسوب المياه الجوفية بالمسجد، بالاضافة الي كافة الاعمال الإنشائية وترميم الأجزاء القديمة بإيوان القبلة، بالإضافة إلى أعمال الترميم الدقيق والمعماري، واستبدال الأحجار التالفة والمتهالكة، وتغير نظم الإضاءة.

 

 

 

 

 

وقال إن العمل بالمسجد توقف تماما منذ عام 2011، بسبب مشاكل فنية في أعمال الترميم، واستخدام مواد غير مطابقة للمواصفات الفنية والأثرية طبقا لرأي اللجنة الدائمة، حيث تم استخدام الطوب الوردي غير المطابق للمواصفات الفنية والأثرية في إعادة بناء أكتاف وعقود الإيوانات المفقودة، وبناءا علية تم عرض الأمر على اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية والتي قررت اعتماد استخدام الطوب الطفلي في أعمال الترميم وبناء الأكتاف والعقود بإيوانات المسجد بدلا من الطوب الوردي.

 

 

تاريخ مسجد الظاهر بيبرس

ويذكر أن مسجد الظاهر بيبرس أنشأه السلطان المملوكي الظاهر بيبرس بن عبد الله البندقداري في الفترة من 665 - 667 هـ ( 1266 - 1268م)، وهو المؤسس الحقيقي لدولة المماليك البحرية، وينسب إليه حتى الآن أحد أحياء القاهرة، وهو حي "الظاهر" الذي يوجد به المسجد.

 

 

 

 

وكان الظاهر بيبرس مملوكا للسلطان الصالح نجم الدين أيوب حيث جلب من الأراضي الواقعة بالقرب من جبال الأورال (كازاخستان حاليا)، وترقى إلى أعلى المناصب وأصبح قائدا ماهرا وسياسيا ذكيا، تولى السلطنة عام 1260م وحتى 1277م، وهزم المغول في بيرة 1272م، ودخل في حروب مع الفرنج في فلسطين، وامتد ملكه إلى ما وراء حدود مصر وسوريا وبلاد العرب.

 

 

أما عن تخطيط المسجد فهو يشبه تخطيط جامع أحمد بن طولون إلى حد كبير، بحيث يبلغ طوله 108م، وعرضه 105م، ويتكون من صحن يحيط به 4 إيوانات تعلو المحراب قبة طول ضلعها 20م، وهي أكبر قبة أقيمت فوق محراب، ويمتاز الجامع بوجود 3 مداخل محورية بارزة عن الواجهات الثلاث، ما عدا الواجهة الجنوبية الشرقية، وهي ثاني مثال للأبواب البارزة بجوامع القاهرة بعد جامع الحاكم، واستعملت فيها مداميك الحجر الأبيض والأحمر على التوالي.

 

 

 

واستعمل بيبرس في بناء جامعة رخاما وأخشابا أحضرها من قلعة يافا بعد أن دمر هذه المدينة هي وأنطاكيا سنة 1267م / 666هـ، ويوجد المدخل الرئيسي للجامع في منتصف الواجهة الشمالية الغربية، وتغطي ساحة المدخل الرئيسي قبة، وكانت تعلوه مئذنة تهدمت، واستولى الفرنسيون على الجامع أثناء الحملة الفرنسية 1798 - 1801م، وحولوه إلى قلعة وجعلوا من مئذنته برجا دفاعيا، ونصبوا المدافع على أسواره، وسكنته طائفة من الجنود الفرنسيين فكان ذلك سببا في تخربه وتهدم مئذنته.

 

وفي عصر محمد علي باشا تحول جامع الظاهر إلى مصنع للصابون، كما أخذت منه أعمدة وأحجار استخدمت لبناء رواق الشراقوة في الجامع الأزهر، وبعد الاحتلال البريطاني لمصر سنة 1881م قام المحتلون بتحويل الجامع إلى مذبح، ولذلك عرفت المنطقة التي بها الجامع لدى عامة الناس باسم "مذبح الإنجليز" حتى الخمسينيات من القرن العشرين، وجدد الجامع السلطان المملوكي جمقمق سنة 842هـ (1438م).