مصر للطيران تفشل في إدارة أزمة رحلتها المتأخرة ووجود رئيس البرلمان يكشف المستور
تم النشر:الإثنين 20 مارس 2017

كتب: أكرم مدحت
تم النشر:الإثنين 20 مارس 2017
كتب- أكرم مدحت
قامت الدنيا ولم تقعد بعد تأخر إقلاع رحلة مصر للطيران رقم 337 من مطار القاهرة متجهة إلى الغردقة، لمدة 5 ساعات، عصر يوم الجمعة الماضي، حيث أصدر شريف فتحي وزير الطيران المدني قرارا بتشكيل لجنة برئاسة المستشار القانوني للوزارة، وعضوية مختصين وفنيين، للتحقيق في أسباب ذلك، وكانت الطائرة من طراز إمبراير E170 بسعة 76 راكبا، تابعة لشركة الخطوط الداخلية والإقليمية "إكسبريس"، وكان من المقرر إقلاعها الساعة 3.30 عصرا، ولكنها أقلعت في 8.45 مساء.
ومن جانبها، أوضحت مصر للطيران بأن الرحلة تأخرت عن الإقلاع بسبب عطل فني، وتم تغيير الطراز إلى بوينج 737-800التي تتسع لعدد 144 راكبا، وتتبع شركة الخطوط الجوية، وأعربت عن اعتذارها لركاب الرحلة عن هذا التأخير، وعدم التمكن من توفير طائرة بديلة في وقت مبكر، نظرا لكثافة التشغيل بنسبة انتظام 98%.
هذا ما تم الإعلان عنه لوسائل الإعلام والجمهور العادي، ولكن ما لم يشار إليه هو أن الطائرة كانت تضم في قائمة ركابها الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب، وسحر طلعت مصطفى رئيس لجنة السياحة والطيران بالبرلمان، وعدد من أعضاء المجلس، وهنا يتضح لماذا قامت الدنيا ولم تقعد، حيث أن هذه الرحلة ليست الأولى في التأخر وهذا أمر طبيعي في جميع شركات الطيران حول العالم، ولكن كيف تتعامل كل شركة مع الأزمة؟.
وظهر فشل شركة مصر للطيران جليا في إدارة الأزمة والتي صادفت وجود شخصيات هامة جدا على متن رحلتها وهو ما كشف المستور، وأن إدارة تلك المنظومة تحتاج لإعادة النظر، فماذا لو لم يكن على الرحلة هذه الشخصيات؟، وهل يكفي اعتذار بهذا الشكل الذي لا يقدر قيمة الراكب أو وقته؟!، فمدة التأخير لم تكن ساعة أو ساعتين ولكنها 5 ساعات، كما أنه لم يتخذ أي إجراء يحتوي الموقف من قبل الشركة الوطنية كما هو متعارف عليه في شركات الطيران العالمية الأخرى.
ورغم أن هذا مقال للرأي، إلا أن "ترافل يالا نيوز" كان حريصا على رصد آراء الخبراء في مجال الطيران، ليعلم كل منا ما له وما عليه.
استعدادات خاصة
حسن عزيز الخبير في مجال الطيران ورئيس إحدى شركات الطيران الخاص سابقا، قال إن هناك إجراءات يجب اتباعها من قبل شركة الطيران في حالة سفر شخصيات مسئولة وهامة في الدولة، لتبدأ من غرفة عمليات مصر للطيران بتحديد الطاقم من طيارين وضيافة، وإعدادهم للخدمة الـ VIP، وتجهيز طراز الطائرة قبل موعد الرحلة بنحو 24 ساعة على الأقل، فيما يتعلق بالصيانة، والاستعداد للبدائل في حالة أي طوارئ، واختيار الطائرة ذات الحالة الفنية الجيدة.
وتابع: "أن يكون مدير المحطة لديه علم بوجود تأمينات خاصة وخدمات مميزة على هذه الرحلة، ومراسم معينة، واستعداد الخدمات الأرضية والجوية لهذه الرحلة في محطتي السفر والوصول، وأن يتم إبلاغ قيادات الشركة، ووفقا للبروتوكولات الحكومية يكون وزير الطيران أيضا على علم بهذه الرحلة التي تتضمن شخصيات هامة مثل رئيس مجلس النواب، وهذا الإجراء متعارف عليه طالما يسافر على الشركة الوطنية وليس شركة طيران خاص، ولو لم يصل للوزير خبر بذلك يكون هناك خلل.
ماهي الإجراءات التي كان يجب اتباعها في الأزمة؟
وأوضح عزيز أن هناك إجراءات يجب اتباعها عند حدوث عطل فني، بإخطار جميع الركاب بذلك، وإبلاغهم بالتطورات والمدة المتوقعة للإصلاح ليكونوا على علم لأنه حق لهم، ويتم إبلاغ الإدارة المعنية بالعطل وهنا تبدأ إدارة الأزمة وإجراء اتصالات على أعلى مستوى في ظل وجود شخصيات هامة، واصطحابهم إلى صالة كبار الزوار.
وداخل غرفة عمليات الشركة تطرح الحلول وفقا لحركة التشغيل لجلب طائرة من نفس الطراز كحل مبدأي، لتقليل تكاليف التشغيل إذا استخدم طراز أكبر لعدد ركاب قليل.
وأشار إلى أن مدة الرحلة لا تتعدى 50 دقيقة، في حين أن التأخير استغرق أكثر من 5 ساعات ما أدى بالتأكيد إلى تعطيل جدول الزيارة لأعضاء البرلمان، وبالتالي كان يمكن إيجاد حلول عاجلة قد تؤدي إلى تأخير رحلة أخرى ساعة أو ساعة ونصف فقط ونتفادى كل ما حدث كإجراء طارئ.
وتعليقا على اتخاذ وزير الطيران بفتح تحقيق كإجراء قانوني صارم، يرى عزيز أن هذا يؤكد على وجود خلل إداري وتقصير في التعامل مع الأزمة أو الشخصيات الهامة، وأن هناك أفراد في المنظومة لم تقم بدورها، علاوة على رد الفعل البطئ من المسئولين بداية من مدير المحطة، والدليل أن الوضع استغرق 5 ساعات وهذه مدة طويلة في صناعة الطيران.
حقوق الراكب وفقا لمنظمة "الأياتا"
الاعتذار ليس كافيا، وخاصة بعد أن عرف الجميع أن الشركة تكتمت على وجود شخصيات هامة وهو ما جعلها تعتذر لتظهر للعملاء أن هذا من أجل إرضائهم، حيث أن التعامل مع الوضع لم يكن على المستوى في حالة أنهم ركاب ليس بينهم أي مسئول.
فهناك من يتعرض للإرهاق الشديد، وآخر يحتاج لعلاج في وقت معين، والبعض تضرر لالتزامه بجدول أعمال محدد، أو سفر سريع لغرض ما، وبالتالي كان يجب على مصر للطيران أن تتعامل مع الوضع باهتمام أكبر، مع العلم أن تأخر الرحلات يحدث في جميع الشركات حول العالم، ولكن كيفية التعامل ومعالجة التأخير والأزمة هو ما يميز كل شركة عن أخرى، ويظهر كفاءة إدارتها.
ويحدد الاتحاد الدولي للنقل الجوي "أياتا" حقوق الراكب وفقا للمنصوص عليه في تذكرة السفر التي تعد عقدا بين المسافر وشركة الطيران.
ويقول حسن عزيز: "من المتعارف عليه في حالة تأخر الرحلة لمدة لا تتجاوز الساعة يكون الأمر مقبولا نسبيا، ولكن إذا زادت عن ذلك يتم تقديم مشروبات للركاب واستضافتهم في كافيتريا المطار، أما لو تأخرت عن ساعتين تقدم وجبات ساخنة".
وأضاف في حالة أن الأمر قد يصل إلى 5 ساعات كما حدث، وبالتأكيد شركة الطيران تكون على علم، يتم استضافة الركاب في أحد الفنادق المحيطة بالمطار، وذلك وفقا لحالة العطل أو جدول رحلات الشركة لوجود بدائل، ومع الأسف لم يحدث أي من تلك الإجراءات.
وأكد أنه من حق الراكب إلغاء الرحلة أو تغييرها دون أي مصروفات أو رسوم إضافية، ويمكنه أيضا أن يطلب ما يناسبه كتعويض عن عدم إتمام الرحلة، مثل طلب خدمة مميزة بسيارة خاصة توصله من المطار ليعود لمنزله وتأتي السيارة لتوصيله للمطار في الموعد البديل لرحلته.
فكر تسويقي لاحتواء الأزمة
كان يمكن لمصر للطيران أن تحتوي الأزمة في خطوة تسويقية بسيطة وفي نفس الوقت تنال رضا عملائها، مثل منح ركاب هذه الرحلة المتأخرة تخفيضات معينة على أي رحلة قادمة داخلية كتعويض بسيط عما حدث، مع إرفاق صورة "للبوردينج" الخاص بالرحلة السابقة، ويمكنهم عدم احتياج ذلك لأن قاعدة بيانات الركاب لدى الشركة تتضمن كل شئ.