القطاع السياحي يرصد إيجابيات وسلبيات تعويم الجنيه.. ومقترحات لتفادي الخسائر

 

كتب- أكرم مدحت

 

بعد أسبوع من قرار البنك المركزي لتحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية "تعويم الجنيه"، ليرتفع الدولار أمام الجنيه بنسبة تصل إلى 100% وفقا لأحدث تسعير له، كانت السياحة من المفترض أن تكون المستفيد الأكبر لأنها تعتمد في دخلها على الدولار وبالتالي ترتفع إيراداتها عند تحويلها إلى الجنيه، ولكن في ظل الركود النسبي في الحركة السياحية تنحصر الاستفادة في جذب الاستثمارات الجديدة فقط.

 

في حين تواجه الفنادق القائمة خاصة العائمة، وشركات السياحة، والنقل السياحي والليموزين معادلة صعبة وهي زيادة أسعار خدماتها بما يعادل ارتفاع تكاليف التشغيل، ولكن وفقا لقوانين السوق العرض والطلب فهناك ركود، كما أن نسبة المفترض تطبيقها لن يستطيع تحملها العملاء، فضلا عن إبرام تعاقدات بالفعل وفقا لتكاليف التشغيل السابقة لقرار التعويم، يرصد "ترافل يالا نيوز" مع خبراء القطاع السياحي التأثيرات الإيجابية والسلبية ومقترحات تفادي المزيد من الخسائر.

 

قال عاطف عبداللطيف رئيس جمعية مسافرون للسياحة والسفر وعضو جمعيتي مستثمري مرسى علم وجنوب سيناء إن "تعويم الجنيه" شر لابد منه، وتأثيره إيجابي على قطاع السياحة خاصة مع الانتعاش المرتقب، في حين أنه يرفع من قيمة الدولار مقابل الجنيه وسترتفع أيضا أسعار مستلزمات التشغيل للمنشآت السياحية ولكن السياحة تستطيع تعويض ارتفاع الاسعار بفارق العملة في الدولار الذي يأتي من السائحين.

 

وأوضح عبداللطيف أن التعويم سيحدث ارتباك في السوق من 6 شهور إلى عام، وسيؤثر بلا شك على أسعار السلع بالأسواق لفترة، ولكنه سيقضي على السوق الموازي للعملة لأنه ليس من المنطقي تسعير الخدمات وفقا لقيمتين لعملة واحدة، وفي المقابل على الدولة توفير كميات كبيرة من الدولارات لمواجهة احتياج السوق في ظل تعويم الجنيه.

 

وأوضح عبداللطيف أن إيجابيات التعويم أكثر إذا تم تنفيذ عدد من الاشتراطات، منها إصدار قانون الاستثمار الموحد ولائحته التنفيذية بمميزات وحوافز غير تقليدية، مما يساعد في جذب رؤوس الأموال الأجنبية والعربية، وكذلك الاهتمام بمصادر دخل الدولار في مصر وعلى رأسها السياحة التي من الممكن أن تحقق مليارات الدولارات في أسرع وقت، لو تم التنشيط لها بالشكل المطلوب ووضع خطة موحدة بين وزارتي الطيران والسياحة من خلال جلب السائحين على طائرات مصر للطيران، والترويج لعروض محفزة، وإعداد برامج سياحية شاملة التنقل بالطيران والإقامة، مع التأكيد على مساندة البنك المركزي للمشروعات السياحية المتوقفة والمتعثرة، مع تطبيق التأشيرة "الأون لاين".

 

ومن جانبه، أوضح ريمون نجيب خبير التسويق الفندقي أن لتعويم الجنيه أو تحرير سعر صرفه أمام العملات الأجنبية له تأثيرات مختلفة على صناعة السياحة المصرية، حيث سيكون سلبي على حركة سفر المصريين للخارج، سواء بهدف الترفيه أو العمرة والحج، لارتفاع قيمة العملات الأجنبية وبالتالي تكاليف الإقامة والسفر، متوقعا أن تتراجع بنسبة 15%، ولكن في المقابل سوف يساعد هذا على إضافة نحو 250 ألف سائح مصري ذات قدرة شرائية عالية نسبيا تستفيد منهم السياحة الداخلية، وتحتاج إلى خدمات مرتفعة المستوى ومنتجات سياحية جديدة من حيث الترفيه والتسوق.

 

أما السياحة الداخلية، قال نجيب إنها ستتأثر سلبا نتيجة انخفاض مستوى المعيشة الناتج عن ارتفاع الأسعار ونتيجة لهذا سيتحول الطلب من فنادق مرتفعة الأسعار إلى الأقل، وسيتجه بعض السائحين المصريين إلى المناطق السياحية الأرخص مثل طابا، ونويبع، ومرسى علم، ودهب، واختيار نوع إقامة مختلف شاملة الإفطار والعشاء بديلا للإقامة الشاملة، وبالطبع سياحة العطلات الصيفية لبعض المناطق السياحية كالساحل الشمالي ستتاثر بنسبة كبيرة من حيث الطلب وانخفاض عدد الليال السياحية.

 

وعلى الجانب الآخر، تستفيد السياحة الوافدة، لانخفاض قيمة العملة المحلية الذي يعطي قوة شرائية عالية لعملات كثيرة ستحفز السائحين للسفر إلى مصر، ولكن يجب أن نبدأ بحملة إعلانية موسعة في الأسواق المستهدفة للإعلان عن خطوات الإصلاح الاقتصادي الذي يشمل تعويم العملة الذي سيحفز السائحين للمجيء إلى مصر مع شعورهم بالأمان.

 

وعلى مستوى الاستثمار السياحي، أكد نجيب أن التعويم يساعد على انخفاض تكلفة العمالة لارتباطها بالعملة المحلية، وهذه من النقاط المهمة لجذب الاستثمار الأجنبي.

 

مقترحات لنجاح الهدف القومي من التعويم سياحيا

واقترح نجيب أن تقدم الدولة محفزات لمستثمري السياحة في جميع القطاعات، أهمها خفض الضرائب على الشركات السياحية الجالبة للعملة الأجنبية والتي تحول نحو 70% من دخلها من العملة الأجنبية إلى البنوك الحكومية، والسماح للمؤسسات السياحية الأجنبية بتحويل مكسبها من العملات الأجنبية بدون أي معوقات.

 

وأن يتم كل تعاملات إيداع وتحويل العملات الأجنبية الخاصة بكل مجالات السياحة من خلال بنك حكومي مصري محدد، لمتابعة دخل القطاع والرقابة عليه للتأكد من عدم تسريب العملة في السوق الموازي.

 

وأضاف أن يتم تسعير المنتجات المصرية والتعاقد عليها الخدمات السياحية الداخلية بالعملة المحلية مثل النقل والخدمات الأرضية، وأن تبدأ المطارات بتحفيز شركات الطيران بخفض بعض رسوم خدمات المطار لجذب الطيران الأجنبي مما يرفع من الدخل السياحي والطلب على مصر وزيادة الدخل القومي من العملة الأجنبية.

 

فضلا عن إعفاء المستثمرين الأجانب من دفع الضرائب لمدة 5 سنوات، بشرط إنشاء مشروعات سياحية ترفيهية وخدمية للقطاع وسائل جذب، مثل المراكز التجارية والملاهي.

 

المعادلة الصفرية

في حين، يرى سامح سعد مستشار التسويق السياحي، أن تسعير البرامج السياحية للأجانب يكون بالدولار، ولا ينظر السائحون لسعره بالمصري، ولكن تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار بعد التعويم قد يراه البعض إيجابي من حيث منح السائح قوة شرائية أفضل للتسوق، ولكن أسعار السلع في المقابل ترتفع أيضا، وبالتالي تمتص الفارق في العملة، ما يجعل معدل الإنفاق ثابت، وفيما يتعلق بإعادة تسعير البرامج السياحية فهذا يعتمد على العرض والطلب.

 

وأشار إلى أن تكلفة الخدمات سوف تتأثر سلبا، والذي سيشعر بها بشكل مباشر المصريين في برامج السياحة الداخلية، خاصة أنها تتجه إلى الأقصر وأسوان في الشتاء، والفنادق العائمة شهدت زيادة كبيرة في تكاليف التشغيل.

 

الجدير بالذكر أن البنك المركزي المصري أصدر قرارا الخميس الماضي بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، وتم تحديد سعر استرشادي للدولار بلغ 13.5 جنيه، وكان الهدف من القرار مواجهة أزمة توافر الدولار ونشاط السوق السوداء الذي نتج عنه وصول سعر صرف الدولار إلى أكثر من 18 جنيها، وبعد قرار تعويم الجنيه يخضع سعر الصرف لآليات العرض والطلب، ليسجل الدولار حاليا أكثر من 17 جنيها، في البنوك الحكومية مقابل 8.90 جنيه قبل التعويم.