مبادرة مصر في قلوبنا.. الهدف قومي وآلية التنفيذ تهدد استمرارها

 

توفير التمويل وتعديل أسلوب إدارتها ضرورة لاستمرارها بنجاح

مؤيدون: يجب التوسع فيها لتشمل جميع المدن السياحية.. والمصري أولى بالدعم من الأجنبي.. وإطلاق حملات توعية سياحية

معارضون: أضرت بالشركات.. وسوء الإدارة زاد العبء ولم يحل الأزمة

تدني الأسعار أدى إلى تراجع مستوى الخدمة الفندقية ولا تتناسب مع عودة الأجانب

الإشغالات مازالت ضعيفة والفنادق بتقفل أبوابها


كتب- أكرم مدحت 

 

"مصر في قلوبنا" اسم بدأ أن يتداول بقوة في قطاع شركات السياحة والمواطنين أيضا، وهي مبادرة تنشيط السياحة الداخلية التي أطلقتها وزارة السياحة ممثلة في هيئة التنشيط السياحي، لدعم ثقافة السفر والأجازات عند المصريين، حتى أصبحت القشة التي يتعلق بها الغارق في البحر لإنقاذه، حيث أصبحت حديث الساعة بعد أن تعرضت السياحة المصرية إلى كارثة سقوط طائرة الركاب الروسية نهاية أكتوبر الماضي، وتوقف أهم سوق سياحي لمصر، فضلا عن انحسار كبير في الأسواق الرئيسية الأخرى.

وانطلقت المبادرة في موسمها الثالث أول أكتوبر الماضي دعما لحركة السياحة في مدينتي الأقصر وأسوان خلال موسم ذروتها الشتاء، ولكن بعد حادث الطائرة الروسية انضمت مدينة شرم الشيخ أول نوفمبر، ثم طابا ونويبع ودهب نهاية يناير الماضي، وتستمر المبادرة حتى 31 مايو الجاري.

ولكنها واجهت بعض التحديات والعقبات التي حولت جودة الفكرة إلى أزمة وعبء وسوء في التنفيذ، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الشركات السياحية المشاركة، حيث وصلت مستحقات الشركات لدى الهيئة إلى 50 مليون جنيه لبرامج تم تنفيذها خلال 4 شهور، كما أن البعض انتقد تدني الأسعار والذي تبعه هبوط في مستوى الخدمة، والبعض الآخر لم يرى أن الهيئة كانت مستعدة لإقبال المصريين على المبادرة، حيث وصل إلى 100 ألف حجز خلال 5 شهور فقط، حتى بعد أن تعاملت مع تحالفات من الشركات بحجة أنها لا تستطيع التعامل مع أكثر من 700 شركة سياحة كل على حدة.

الجدير بالذكر أن الدعم المخصص لبرامج مبادرة مصر في قلوبنا يختلف وفقا للوجهة السياحية، حيث يبلغ لرحلات الأقصر وأسوان 700 جنيها للباكيدج، شاملا وسيلة السفر والإقامة والاننقالات والمزارات الأثرية، لمدينة شرم الشيخ يبلغ 500 جنيها للباكيدج، شاملا وسيلة السفر والإقامة الفندقية.

وتبدأ أسعار برامج رحلات شرم الشيخ من 830 جنيها إلى 4080 جنيها، ولأول مرة تم طرح برامج لمدة 8 أيام/7 ليالي.

أما أسعار رحلات الأقصر وأسوان تبدأ من 700 جنيه إلى 3300 جنيها، وفقا لتوقيت الرحلة وعدد الأيام وطبيعة الإقامة ووسيلة السفر.

في حين تبدأ أسعار رحلات نويبع ودهب للفرد 600 جنيها، لمدة 4 أيام 3 ليالي نصف إقامة بفنادق 5 نجوم، شاملة الانتقالات والعشاء البدوي، وفنادق 4 نجوم 450 جنيها، أما فنادق 3 نجوم 300 جنيها لبرنامج الرحلة.

أما أسعار رحلات طابا تبدأ من 650 جنيها للفرد بفنادق 5 نجوم، و500 جنيها بفنادق 4 نجوم، و350 جنيها للإقامة بفنادق 3 نجوم.

واستحوذت شرم الشيخ على المركز الأول من حيث الإقبال، تليها الأقصر ثم أسوان، كما احتلت وسيلة الانتقال بالأتوبيس المركز الأول يليها القطار (النوم– الدرجة الأولى)، ثم خطوط مصر للطيران.

 

إيجابيات ملموسة

من جانبه، قال ناصر تركي صاحب شركة روكا للسياحة وعلى رأس أحد التحالفات للشركات المنفذة لبرامج المبادرة إن المبادرة أفادت القطاع السياحي بأنها أول مرة يكون لدينا أفواج حقيقية وقاعدة بيانات للسياحة الداخلية، وهناك 200 فندقا اشتغلوا بدل غلق أبوابها، والمفروض نتوسع بها وننشر ثقافة السفر للمدن والمناطق السياحية المصرية، مضيفا أننا كنا ندعم الأجانب والأولى أدعم المصريين.

وأوضح أن مشكلة المبادرة ظهرت عندما تأخرت مستحقات الشركات السياحية المنفذة لبرامجها، لتجاوز المبلغ المخصص عن المنفذ، ويجب أن نتجنب عدم تكرار الأزمة وخاصة أن الشركات كانت تمول المبادرة وهي عندها خسائر، والحل تخصيص مبالغ فورية، ولو استمرت المبادرة يجب أن تكون بقواعد واضحة بدون روتين والالتزام بتوقيت سداد الفواتير التي تقدمها الشركات للحصول على الدعم، قائلا: "المفروض المبادرة كانت لمساعدة الشركات والفنادق والمطاعم، فكيف أورطهم في أعباء مالية".

ويرى أن آلية عمل التحالفات تحتاج إلى إعادة النظر حتى لا يكون رأس التحالف ضحية لبعض الشركات المشاركة التي لا تريد إلى عمولة فقط ولا تنفذ أي برامج.

 

مقترحات للتطوير والتوسع

واقترح تركي بأن يكون للهيئة موقع للسياحة الداخلية وكل الشركات يكون لديها كلمة مرور خاصة بالموقع، وتدخل تشتري المنتج المدعم والوزارة تدفع الدعم للفندق وليس للشركة، ودوري أجذب العميل وأبيع له المنتج المدعم من البرامج السياحية المختلفة، ولكن حاليا بيقولي ادفع وبعدين أحاسبك، والفندق كل عميل مصري يرسل قاعدة البيانات ويحصل على حقه، لأنه الطرف الأقوى والشركة مجرد مسوق للبرامج، رغم أنه يفرض علي برنامج وفنادق.

ويؤيد تركي مقترح أن تظل المبادرة حتى نهاية العام، ولكن نجعلها مبدأيا حتى 30 سبتمبر المقبل، ومهما احتاجت دعم، المصريين أولى من الأجانب، ولو الفنادق بتشتكي من المبادرة يبقى بيشاركوا فيها ليه؟!.

وأضاف أن المبادرة حققت إيجابيات لا يمكن إنكارها في تفادي تفاقم الأزمة، ونشر ثقافة السفر وارتباط المصريين بوطنهم، مؤكدا على أهمية عمل برامج توعية للمواطن بالسلوك السياحي، مطالبا أن تشمل جميع مدن البحر الأحمر، قائلا: "المصري أفضل من الأجنبي في الإنفاق الذي يأتي بعضهم ببلاش"، إلى جانب وقف الدعم في المواسم والأعياد الرسمية كما هو متبع، لأنها تحظى بالعروض الخاصة من الفنادق والشركات.

 

انتقادات وعيوب إدارة المنظومة

ومن جانبه، قال عادل شعبان عضو الجمعية العمومية لاتحاد الغرف السياحية إن المبادرة الموسم الماضي كانت منحصرة على 3 شركات وتم فتح المجال لمشاركة جميع شركات السياحة الراغبة في تنفيذ برامج المبادرة، ولكن هيئة تنشيط السياحة أبرزت حجة أن إمكانياتها لا تسمح بالتعامل مع جميع الشركات، وبالتالي تم تكوين الائتلافات والتي تسببت في احتكار تنفيذ البرامج لصالح ممثليها، وكان بعضهم يعطي الشركات التابعة لهم عمولة 50 جنيها عن كل برنامج لتمريره لرأس التحالف.

وشكك البعض في البرامج المنفذة بالفعل، حيث أن بعض الشركات المشاركة في المبادرة عندها الدورة كاملة، فيكون الفندق تابع لها، وبالتالي بيانات النزلاء يسهل الحصول عليها، بدون تنفيذ الرحلة فعليا ليستفيد من قيمة الدعم.

وأكد أنه يجب على الهيئة الاستعداد بكل الآليات التي تضمن عدم عرقلة المبادرة، وتجنب تأخر سداد قيمة الدعم للشركات المنفذة، وخاصة في ظل الظروف السيئة التي تمر بها، وذلك بتوفير الاعتمادات المالية اللازمة، فضلا عن تخصيص عدد من موظفي الهيئة لتولي هذا الملف، مشيرا إلى أن صندوق السياحة يمكن أن يدعم المبادرة بقوة، ولذلك الفكرة جيدة ولكنها تموت بدون دراسة، وعشوائية في التنفيذ.

وفي سياق متصل، قال محمد الجابري مدير شركة إزادورا للسياحة بشرم الشيخ إنه لو تكرر تأخر حصول الشركات على مستحقاتها من الهيئة "يبقى ملهاش لازمة استمرار المبادرة"، لحين توفيق الهيئة الأوضاع وتوفير التمويل اللازم لمدها.

وأوضح الجابري أنه رغم انخفاض الأسعار التي تعرضها المبادرة، إلا أن الشركات بتفاصل مع الفنادق، والمواطن يبحث عن 100 جنيه تخفيض، مشيرا إلى أن رؤوس التحالفات للشركات السياحية هي المستفيد الأكبر من المبادرة، والمفروض يفتح المجال لجميع الشركات بدون أي اتحادات رسمية.

ولفت الجابري إلى مشاركة شركة إزادورا من خلال نايل كروز "فندق عائم" بالأقصر تابعة للمجموعة، قائلا: "لا ننكر أنها حركة المياه الراكدة، وساهمت في تحقيق إشغالات جيدة، ولكن في أجازة منتصف العام الدراسي، وبعدها هدأت الأوضاع حتى انتهاء الموسم الشتوي لتتوقف الحركة خلال أشهر الصيف".

 

الجانب المعارض

وعلى الجانب الآخر، ناشد الدكتور عاطف عبد اللطيف رئيس جمعية مسافرون وعضو جمعية مستثمري جنوب سيناء، يحيى راشد وزير السياحة بإلغاء "مبادرة مصر في قلوبنا" وتحويل المخصصات المالية للمبادرة إلى صندوق إعانة العاملين بقطاع السياحة مباشرة، ليتم من خلالها دفع أجور العاملين بالقطاع في ظل تدني نسب الإشغالات الفندقية الملحوظ.

وقال عبداللطيف إن المبادرة كان لها تأثير سلبي مباشر على نوعية السياحة الداخلية والعربية والأجنبية، حيث أنه تم إلغاء الرحلات السياحية الداخلية والعربية بسبب مضاربات الأسعار وتأثيرها على شكل السياحة المصرية أمام العالم، ونجد أن معظم منظمي الرحلات يرون أن تدني الأسعار في الفنادق المشتركة مع المبادرة يصاحبه تدني شديد في الخدمات المقدمة.

وأضاف أن فكرة المبادرة كانت جيدة للوقوف بجانب القطاع إلا أنها أضرته، حيث أن الراغبين في السفر لشرم الشيخ من المصريين يرفضون السفر بالأسعار العادية في ظل الانخفاض الكبير في إطار المبادرة، ما أثر على شركات السياحة والفنادق، فضلا عن عدم وجود عدالة في التوزيع على الفنادق والقرى السياحية المشاركين في المبادرة.

وأكد أن المبادرة لم تغير الوضع حيث أن الفنادق في شرم الشيخ وأغلب المدن السياحية تغلق أبوابها، ومتوسط نسب الإشغالات متدنية، حيث لا تتجاوز في شرم الشيخ 20 أو 30% وفي دهب 15%، وفي نويبع وطابا نحو 9%، والأقصر وأسوان لا تتعدى 15%.

وبشأن وقف دعم مبادرة مصر في قلوبنا في الأجازات والأعياد قرار مناسب لأن التخفيضات والأسعار التشجيعية تستهدف التنشيط في فترات الركود، ومن الطبيعي تكون هناك كثافة سفر في الأجازات.

وتساءل عبداللطيف لماذا تم وقف المبادرة، وهل لنا أن نعرف أسماء الشركات والفنادق التي استفادت من المبادرة بخلاف الشركات العشرة الكبرى المعلن عنها؟!.

وفي سياق متصل، أوضح ياسر فاروق مدير السياحة بشركة "فلامنجو" أنه لم يشارك في المبادرة، كما أنه تم التواصل مع إحدى الشركات ممثلي التحالفات والتي أفادت بتوقف العمل في إطار المبادرة نظرا للمشاكل المادية التي تواجهها.

وأكد فاروق أن الشركة تتعامل مع الفنادق بأسعار عادية أغلى من المبادرة، وبالتالي الشركات التي لم تشارك خسرت الكثير، ويبحث المصريين دائما على الأرخص، مشيرا إلى أن الإقبال على المبادرة ليس بالقوة التي كانت منتظرة، خاصة أنها تنحصر في أيام معينة.

وأشار فاروق إلى أن مستوى الخدمة التي تقدم للمصريين سيئ جدا نظرا لتدني أسعارها، وهذه الصورة تصل إلى السائحين خارج مصر والزائرين لها حاليا، ما يؤثر سلبا على عودة الحركة بقوة.

وضرب مثالا أن برامج شرم الشيخ 4 أيام/3 ليالي إقامة فطار وعشاء بفندق 4 نجوم بدون انتقالات تصل إلى 700 جنيه خارج المبادرة، وتصل إلى 500 جنيه في فنادق 3 نجوم، وبالتالي الشركات والفنادق تشارك التوجه العام في إطار تشجيع السياحة الداخلية بأسعار تحفيزية.

واقترح فاروق أن التعاقدات خارج المبادرة يمكن أن تتم بالتعاون بين الشركات والفنادق لوضع أسعار تنافسية لبرامج رحلات متكاملة، وتنطلق حملات الشركات التسويقية بدون تكلفة الهيئة أي دعم، لأن الفنادق تعرض أسعار أرخص على موقعها الإلكتروني من التي تقدم للشركات السياحية، لافتا إلى أن المصريين يركزون ويهتمون بسعر الرحلة وليس مستوى الخدمة.

 

إقرأ أيضا

نائب رئيس تنشيط السياحة: الانتهاء من سداد مستحقات الشركات المنفذة لمصر في قلوبنا منتصف مايو الجاري

بالأسعار.. برامج رحلات شرم الشيخ في قلوبنا تنتظر حجوزات المصريين

بالأسعار.. برامج رحلات الفنادق العائمة بمبادرة مصر في قلوبنا إلى الأقصر وأسوان