زاهي حواس يعلن عن اكتشافات أثرية في ظلال معبد الملكة حتشبسوت بالدير البحري بالأقصر
تم النشر:الأربعاء 08 يناير 2025
كتب: أكرم مدحت
تم النشر:الأربعاء 08 يناير 2025
أعلن عالم الآثار المصرية الدكتور زاهي حواس رئيس البعثة الأثرية المشتركة التابعة لمؤسسة زاهي حواس للآثار والتراث، بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار، عن العديد من الاكتشافات الأثرية في ظلال معبد الملكة حتشبسوت بالدير البحري بمحافظة الأقصر.
وقال حواس إنه منذ بدء أعمال البحث والحفائر العلمية في سبتمبر 2022، تمكنت البعثة من تحقيق عدد من الاكتشافات الأثرية المهمة في المنطقة الواقعة عند بداية الطريق الصاعد لمعبد الملكة حتشبسوت بالدير البحري.
معبد الوادي للملكة حتشبسوت (1479 – 1458 ق.م)
وكشفت البعثة عن جزء من أساسات معبد الوادي الذي كان يقع عند مشارف الوادي وهو بوابة الدخول الرئيسية للمعبد الجنائزي للملكة حتشبسوت المسمى "جسر جسرو"، والذي يعد أجمل المعابد الفرعونية على الإطلاق.
وأشار حواس إلى أن البعثة عثرت على عدد كبير من نقوش معبد الوادي والتي تعد من أندر وأجمل نماذج فن النحت في عصر الملكة حتشبسوت وتحتمس الثالث، والتي لا يوجد مثيل لها في المتاحف المصرية سوى نماذج قليلة في متحفي الأقصر والمتروبوليتان، وتعد مجموعة النقوش الملكية المكتشفة حديثا هي الأكمل على الإطلاق من بقايا معبد الوادي والذي تعرض للهدم خلال عصر الرعامسة والأسرة التاسعة عشرة.
وفي سياق متصل، قال الدكتور محمد إسماعيل الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن البعثة عثرت على أكثر من 100 لوحة حجرية من الحجر الجيري والرملي مسجل عليها أسماء وخراطيش الملكة حتشبسوت (اسم الميلاد واسم التتويج على العرش)، وتعد جزء من ودائع الأساسات التي تؤكد على ملكية صاحب المعبد وهي المعروفة بـ Stone Name.
ومن بين تلك اللوحات الحجرية، لوحة حجرية فريدة من الحجر الجيري تحمل بالنقش البارز اسم ولقب المهندس المعماري للملكة حتشبسوت المهندس "سنموت" ولقبه المشرف على القصر، وتعد مجموعة ودائع الأساسات الكاملة للملكة حتشبسوت من أهم مكتشفات البعثة، والتي تأتي بعد مرور نحو 100 عام منذ أن كشف العالم الأمريكي "هيربرت وينلوك" عن آخر مجموعة كاملة من ودائع الأساسات للملكة حتشبسوت في موقع المعبد الجنائزي (1923 – 1931م).
وأكد حواس أن البعثة عثرت على عدد من المقابر الصخرية من عصر الدولة الوسطى (2050 – 1710 ق.م)، وكشفت بموقع معبد الوادي عن التسلسل التاريخي للموقع والذي بدأ إشغاله في عصر الدولة الوسطى وحتى بداية الأسرة الـ18، عندما أمر المهندس الملكي سنموت بوقف الدفن في المنطقة وإختاره لها كموقع لتشييد معبد الوادي، وجزء من امتداد الطريق الصاعد الذي يربط بين معبد الوادي والمعبد الجنائزي، وقام "سنموت" بدفن هذة الجبانة أسفل كميات كبيرة من الرمال، وذلك ضمن أعمال تمهيد الموقع لتشييد معبد الوادي.
وأضاف حواس أن البعثة عثرت على عدد من المقابر الصخرية التي تعود لعصر الدولة الوسطى، وبها على عدد من القطع الأثرية المهمة ومنها موائد القرابين المصنوعة من الفخار وعليها مجسمات للقرابين من خبز ونبيذ ورأس وفخذ الثور، وتعد هذة الموائد من الآثار المميزة لعصر الدولة الوسطى.
وأوضح حواس أنه تم الكشف أيضا عن عدد من أبيار الدفن من عصر الأسرة الـ17 (1580 – 1550 ق.م) المنحوتة في الصخر، وعثر بداخلها على عدد من التوابيت الخشبية بالهيئة الإنسانية والتي تعرف بالتوابيت الريشية وهي المميزة لعصر الأسرة السابعة عشرة، ومن أهم تلك التوابيت تابوت لطفل صغير مغلق وموثق بالحبال والتي لا تزال على هيئتها منذ دفنها قبل 3600 عام.
وبجانب تلك التوابيت تم العثور على حصير ملفوف لا يزال بهيئتة المكتشف عليه وتعد البعثة حاليا برنامج خاص لترميمه ونقله للعرض بمتحف الحضارة، حيث قامت البعثة المصرية بنقل واحد من أهم مكتشفاتها وهو سرير من الخشب والحصير المجدول الى متحف الحضارة في موسم الحفائر الماضي (2023 – 2024)، والذي يعود إلى تلك الفترة وكان يخص أحد حراس الجبانة، حيث عثر عليه في حجرة صغيرة مخصصة لإعاشة حرس الجبانة.
وأشار حواس إلى العثور على أقواس الرماية الحربية والتي تشير إلى وظيفة أصحاب هذه القبور وخلفيتهم العسكرية وكفاحهم لتحرير مصر من الهكسوس، كما تم العثور على مقبرة المدعو جحوتي مس، المشرف على قصر الملكة تتي شيري الجدة الكبرى لملوك الأسرة الـ18 التي توصف بالعصر الذهبي للحضارة المصرية القديمة.
وكشفت البعثة عن مقبرة المشرف على قصر الملكة تتي شيري جدة الملك أحمس محرر مصر من الهكسوس وأم والده الملك سقننرع أول ملك شهيد في حرب الكفاح والتحرير من أهم الإكتشافات الأثرية التي تلقي كثير من الضوء على تلك الفترة المهمة من تاريخ مصر والتي لم يعثر لها على كثير من الأثار، وتؤرخ المقبرة بالعام التاسع من حكم الملك أحمس الأول (1550 – 1525 ق.م)، كما أكد التاريخ المكتوب على اللوحة الجنائزية لجحوتي مس التي عثر عليها بالمقبرة.
تخطيط المقبرة
المقبرة لها تخطيط بسيط عبارة عن حجرة مربعة منحوتة في الصخر تتقدمها مقصورة من الطوب اللبن المكسو بطبقة من الملاط الأبيض ولها سقف مقبي، وداخل حجرة المقبرة عثر على بقايا رسوم ملونة باللون الأحمر على طبقة من الملاط الأبيض، وفي أرضية الحجرة عثر على بئر مستطيل يودي إلى حجرتي دفن، وفي البئر تم العثور على مائدة قرابين من الحجر الجيري وكذلك على اللوحة الجنائزية لصاحب المقبرة جحوتي مس.
وعلى الرغم من اللقب المهم الذي كان يحمله صاحب المقبرة بوصفة المشرف على قصر الملكة تتي شيري أهم وأقوى ملكة في التاريخ المصري القديم، إلا أن هيئة وبساطة المقبرة تعطي الكثير من المعلومات الإقتصادية عن بدايات الأسرة الثامنة عشرة والتي جاءت بعد حروب مريرة من أجل التحرير استنزفت اقتصاد الدولة.
جبانة من العصر البطلمي
ومن ناحية أخرى، صرح حواس بأنه تم الكشف عن جزء من جبانة بطلمية ممتددة شغلت موقع الطريق الصاعد ومعبد الوادي، وشيدت مقابرها من الطوب اللبن وأجزاء من حجارة معبد الملكة حتشبسوت هذة الجبانة كان قد تم الكشف عن بعض من أجزائها عن طريق بعثات أجنبية في بدايات القرن الماضي، ولم يتم توثيقها بشكل مناسب.
كما كشفت البعثة المصرية عن عدد كبير من الآثار لتلك الفترة، ومنها عملات برونزية تحمل صورة الإسكندر الأكبر وتعود لعصر بطلميوس الأول (367 – 283م). وكذلك تم العثور على ألعاب أطفال من التراكوتا (الطين المحروق) وبأشكال آدمية وحيوانية، وكذلك عدد من قطع الكارتوناج والماسكات الجنائزية التى كانت تغطي المومياوات وعدد كبير من الجعارين المجنحة والخرز والتمائم الجنائزية.