موسم السفر خلال أشهر الصيف ينهار هذا العام في أوروبا.. تفاصيل

وسط سلسلة من عناوين الأخبار السيئة المحيطة بعالم السفر، يمكن الاعتقاد بأن هذا الصيف كان بمثابة "صيف من الجحيم" بالنسبة للعديد من المصطافين. ومن الكوارث البيئية إلى ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع الأسعار، والاكتظاظ، يبدو أن كل هذه الأحداث تآمرت مع بعضها لإفساد عطلات مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين، من الناس هذا العام.

 

وفي غالبية الأحيان، لم يكن إنزعاج المسافرين أمرا يذكر مقارنة بالتأثير المأساوي الذي أحدثته بعض هذه الأحداث العصيبة على المجتمعات في جميع أنحاء العالم. ولكن، بالنسبة للبعض، تعد العطلة الصيفية حدثا سنويا تشتد الحاجة إليه، إذ توفر لهم فترة راحة ليس فقط من ضغوط الحياة اليومية، ولكن أيضا من المصاعب الشديدة الأخرى في كثير من الأحيان.

 

وبطبيعة الحال، نجحت أعداد كبيرة من الأشخاص المحظوظين بالاستمتاع بإجازات خالية من المتاعب في جميع أنحاء العالم، وذلك وفقا لما جاء في موقع (CNN) بالعربية.

 

وفيما يلي ملخص لبعض المحن التي واجهها المصطافون خلال أشهر الصيف الماضية:

 

حرارة لا تطاق

 

لا يرغب الجميع في إجازات دافئة ومشمسة، ولكن حتى بالنسبة للباحثين عن أشعة الشمس فقد حصلوا على أكثر مما يتمنون في أوائل الصيف، مع إعلان وكالة ناسا أن يوليو 2023 كان الشهر الأكثر سخونة على الأرض منذ بدء تسجيل حرارة الكوكب في عام 1880. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وأعلن لاحقا أن هذا الصيف هو الأكثر سخونة على الكوكب منذ سنوات، محطما الأرقام القياسية السابقة بهامش كبير.

 

وشهد جنوب أوروبا موجة حارة بسبب موجات الحر الشديدة التي أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، ما جعل الحياة غير مريحة بل خطيرة بالنسبة للسياح والسكان المحليين على حد سواء.

 

وفي إيطاليا، أصدرت تحذيرات من الحرارة  إلى جانب إرشادات للسياح والسكان المحليين حول الحفاظ على رطوبة الجسم والبحث عن أماكن مظللة ومكيفة. وفي أثينا، أغلقت السلطات المواقع السياحية الرئيسية بما في ذلك أكروبوليس خلال الفترة الأكثر سخونة من اليوم.

 

ومع ارتفاع درجات الحرارة، كانت هناك بالفعل تنبؤات بتغير أنماط حركة السياحة، حيث أشارت إحدى الدراسات إلى أن عدد السياح الذين يخططون لخوض رحلات إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط قد انخفض بنسبة 10% على أساس سنوي، بينما كان الاهتمام يتزايد في المناخات الباردة مثل أيرلندا والدنمارك.

 

عالم من الحرائق

 

وفي يوليو الماضي، اندلعت حرائق في البرتغال، وإسبانيا، وتركيا، واليونان، حيث اجتاحت حرائق الغابات كورفو، وإيفيا، وضواحي أثينا. وكانت جزيرة رودس السياحية الشهيرة هي الأكثر تضررا بعد أن اندلع حريق في وسط الجزيرة بتاريخ 18 يوليو، وانتشر سريعا إلى السواحل الشرقية والجنوبية، مهددا المنتجعات الشاطئية. ومع اقتراب النيران، تم إجلاء العديد من السياح والمقيمين إلى أماكن إقامة مؤقتة في الصالات الرياضية، أو المدارس، أو المباني العامة في أجزاء أخرى من الجزيرة.

 

وتم إجلاء نحو 20 ألف شخص عن طريق البر والبحر، ولم يتمكن البعض من استعادة جوازات السفر الخاصة بهم وأمتعتهم الشخصية الأخرى. وألغت شركات الطيران، وشركات السياحة، الرحلات الجوية والحجوزات بينما تم إرسال طائرات فارغة لإعادة السياح الذين تقطعت بهم السبل. وعرضت اليونان لاحقا عطلات مجانية خلال موسم ربيع أو خريف عام 2024 لتعويض المتضررين.

 

العواصف تضرب

 

وبعد الحرائق حلت العواصف، ما أدى مرة أخرى إلى إحداث فوضى في عالم السفر، وتسبب أيضا في دمار واسع النطاق. وضرب إعصار هيلاري الساحل الغربي للولايات المتحدة في أغسطس، ما أدى إلى تساقط أمطار غزيرة وفيضانات.

 

وتلقت مدينة بالم سبرينجز الصحراوية كمية من الأمطار خلال ساعة واحدة أكثر مما يتساقط عادة خلال عام. وفي نهاية الصيف، ضربت العاصفة "إيداليا" ولاية فلوريدا والولايات الجنوبية الأمريكية الأخرى مع اقتراب عطلة عيد العمال.

 

وتعرضت أجزاء من جنوب شرق آسيا لعدد من الأعاصير الشديدة مع اشتداد موسم العواصف. وشهدت أعاصير "دوكسوري"، و"خانون"، و"لان"، تساقط أمطار قياسية ورياح بقوة الإعصار، مما تسبب في حالات وفاة، وفيضانات شديدة، وانهيارات أرضية، وانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع.

 

كما ضرب إعصار "خانون" كوريا الجنوبية بقوة مميتة، وأدى إلى قيام نحو 40 ألف مراهق من 155 دولة بإلغاء مهرجان المخيم الكشفي العالمي في مدينة سايمانجيوم الكورية بجنوب سيؤول، عندما زاد التهديد باقتراب الإعصار من موقع المخيم.

 

مياه ساخنة

 

أدى ارتفاع الحرارة إلى وصول درجات حرارة المياه أيضا إلى مستويات قياسية. ووجد أحد التقارير الصادر عن مؤسسة "Coral Restoration Foundation" أن "وفيات المرجان بلغت نسبة 100%" في منطقة غوص "سومبريرو ريف" عند سلسلة الجزر المرجانية، فلوريدا كيز.

 

ووصلت درجة  حرارة البحر الأبيض المتوسط إلى مستوى قياسي بلغ 28.4 درجة مئوية في 24 يوليو، وفقا لخدمة "كوبرنيكوس" الأوروبية لتغير المناخ. وكان الرقم القياسي السابق هو 28.25 درجة مئوية والذي سجل في عام 2003.

 

فوضى رحلات الطيران

 

وقعت في أوروبا العديد من الأحداث في قطاع الطيران بسبب الإضرابات أو التهديد بالإضربات من قبل مراقبي الحركة الجوية، أو الطيارين، أو طاقم الطائرة مما أدى إلى إلغاء آلاف الرحلات الجوية.

 

وفي أواخر أغسطس، أدى خلل في مراقبة الحركة الجوية إلى قيام خدمات الحركة الجوية الوطنية في المملكة المتحدة بتقييد حركة المرور، ما تسبب في تأخيرات وإلغاءات واسعة النطاق في جميع أنحاء القارة لعدة أيام. وتعرضت المملكة المتحدة أيضا لسلسلة مستمرة من إضرابات السكك الحديدية في عام 2023، ما أثر على المسافرين والركاب على حد سواء.

 

الاكتظاظ وارتفاع الأسعار

 

ورغم المخاطر والعقبات في جميع أنحاء العالم، استمر السياح في السفر بأعداد كبيرة، ربما كنوع من الانتعاش بسبب عمليات الإغلاق التي فرضها فيروس كورونا. وفي الواقع، كان هناك عدد كبير من الزوار في بعض الأماكن لدرجة أن السلطات شعرت بالحاجة إلى الحد من أعدادهم.

 

وفي فرنسا، تعرضت مواقع مثل جبل القديس ميشيل لضغوط شديدة إلى حد عمدت فيه السلطات إلى إرسال السياح إلى أماكن أخرى، بينما أطلقت أمستردام حملة استثنائية تحت شعار "ابق بعيدا" في محاولة للحد من زيارات الشباب البريطاني المشاكس، وسعت، مثل البندقية، إلى فرض قيود على السفن السياحية.

 

وعلى جبل فوجي المقدس في اليابان، كانت الحشود كبيرة للغاية لدرجة أن السياح اضطروا إلى الاصطفاف للوصول إلى القمة. وفي الوقت ذاته، أعلنت مدينة البندقية عن رسوم دخول جديدة قدرها 5 يورو للمسافرين خلال فترة النهار، لخفض الأعداد. وأعلن مسئولون يونانيون أن عدد الزوار اليومي للأكروبوليس سيكون محدودا اعتبارا من سبتمبر للحفاظ على سلامة النصب التذكاري.