تصميم جديد لطائرة يغير قواعد صناعة الطيران وينبئ بمستقبل النقل النظيف.. تفاصيل

لم يتغير التصميم الأساسي للطائرات كثيرا خلال الـ60 عاما الماضية. فالطائرات الحديثة مثل بوينج 787، وإيرباص A350، تتمتع بالشكل العام عينه لطائرات بوينج 707، ودوجلاس DC-8 التي تم تصنيعها في أواخر خمسينيات القرن الماضي. ويعني ذلك أن الطيران يعطي الأولوية للسلامة، ويفضل الحلول المجربة والمختبرة.

 

ومع ذلك، فيما تبحث الصناعة بشكل يائس عن طرق لتقليل انبعاثات الكربون، فإنها تواجه تحديا أصعب إلى حد ما من القطاعات الأخرى. والسبب أن تقنياتها الأساسية قد أثبتت صعوبة الابتعاد عنها. وربما يكون الوقت قد حان لتجربة شيء جديد، وذلك وفقا لما جاء في موقع (CNN) بالعربية.

 

تحت الضغط

 

يعتبر مفهوم الأجنحة المخلوطة ليس جديدا على الإطلاق. وتعود المحاولات الأولى لبناء طائرات بهذا التصميم إلى أواخر عشرينيات القرن الماضي في ألمانيا.

 

وابتكر مصمم الطائرات والصناعي الأمريكي، جاك نورثروب، تصميم جناح طائرة يعمل بالطاقة النفاثة في العام 1947، ما ألهم تصنيع الطائرة B-2 في مرحلة التسعينيات. ويسمح جسم الجناح المخلوط للطائرة بتوليد قوة رفع، وبالتالي تقليل سحب الأجنحة.

 

وتقول وكالة ناسا إن هذا الشكل "يساعد على زيادة الاقتصاد في استهلاك الوقود، ويخلق مناطق حمولة أكبر في الجزء الأوسط من جسم الطائرة". واختبرته الوكالة في إحدى طائراتها التجريبية، X-48.

 

ومن خلال حوالي 120 رحلة تجريبية بين العامين 2007 و2012، أثبتت طائرتان بدون طيار من طراز X-48 يتم التحكم فيهما عن بعد، مدى جدوى هذا المفهوم.

 

وتقول الوكالة: "هذه الطائرة سيكون لديها جناحين أكبر قليلا من طائرة بوينج 747، ويمكن أن تعمل من محطات المطار الحالية". وأضافت أن الطائرة "ستزن أقل، وتولد ضوضاء وانبعاثات أقل، بالإضافة إلى أن كلفتها التشغيلية ستكون أدنى من طائرات النقل التقليدية المتقدمة".

 

وفي عام 2020، قامت شركة إيرباص ببناء نموذج صغير من الأجنحة المختلطة يبلغ طولها حوالي 6 أقدام، بهدف إنشاء طائرة كاملة الحجم مستقبلا. وأوضح المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة JetZero، توم أوليري، أن هناك تحد تقني يعيق الشركات المصنعة، وهو "ضغط جسم الطائرة غير الأسطواني".

 

وأشار إلى أن الطائرة ذات الشكل الأنبوبي تكون أكثر قدرة على التعامل مع دورات التمدد والانكماش المستمرة التي تواكب كل رحلة. وقال: "إذا فكرت في (الأنبوب والجناح)، فإنه يفصل بين الأحمال.. لكن الجناح المخلوط يمزج هؤلاء معا بشكل أساسي.. ويمكننا أن نفعل ذلك حاليا باستخدام مواد مركبة خفيفة وقوية في الوقت عينه".

 

وهذا الشكل الجديد سيجعل الجزء الداخلي من الطائرة يبدو مختلفا تماما عن الطائرات ذات الجسم العريض اليوم. وقال "أوليري": "إنه مجرد جسم أوسع بكثير".

 

الإمكانات الثورية

 

تطمح شركة JetZero إلى تطوير 3 أنواع مختلفة من الطائرات في وقت واحد، وهي طائرة ركاب، وطائرة شحن، وناقلة وقود. ويتناسب شكل الجناح المخلوط بشكل جيد مع الطائرة الأخيرة.

 

ويذكر أن القوات الجوية الأمريكية قد منحت شركة JetZero للتو مبلغ 235 مليون دولار لتطوير نموذج كامل، والتحقق من صحة أداء مفهوم الجناح المخلوط. ومن المتوقع انطلاق الرحلة الأولى بحلول العام 2027.

 

ومع ذلك، فإن بناء طائرة جديدة تماما من الصفر يعد مهمة هائلة. وتبدو أهداف JetZero طموحة. وتتمثل إحدى المزايا التي تتمتع بها JetZero في هذا المجال بأن الطائرة ستستعير بداية محركات من الطائرات ذات الجسم الضيق الحالية، مثل طائرة بوينج 737. ولكن، تهدف الخطة في النهاية إلى الانتقال إلى نظام دفع خال تماما من الانبعاثات. وسيتطلب هذا الأمر محركات جديدة لم يتم تطويرها بعد.

 

وقال محلل الطيران لدى شركة AviationValues الاستشارية، بيلي مايلز: "الطائرات ذات الأجنحة المخلوطة تحمل وعدا هائلا باعتبارها تغييرا لقواعد اللعبة في صناعة الطيران، حيث توفر إمكانية تحسين كفاءة استهلاك الوقود، وتعزيز سعة الحمولة، وأنظمة التحكم المبتكرة".

 

وتابع: "مع ذلك، فإن معالجة التعقيدات الديناميكية الهوائية، وضمان السلامة الهيكلية، والتغلب على العقبات التنظيمية، وتكييف البنية التحتية للمطارات تمثل تحديات هائلة يجب التغلب عليها حتى تصبح حقيقة واقعة".

 

وأوضح محلل الطيران لدى شركة الاستشارات Aerodynamic Advisory، ريتشارد أبو العافية، أنه لا يمكن التحقق من جميع ادعاءات JetZero. ولكن، لطالما كانت "فكرة جسم الجناح المخلوط جذابة منذ سنوات عديدة، ويبدو أنهم قاموا ببعض الأمور المثيرة جدا للاهتمام"، بحسب قوله.