افتتاح حجرتي آمون بمعبد حتشبسوت بالدير البحري ومقبرة ميرو بالعساسيف ومقبرتي جحوتي وحري بالأقصر

افتتح اليوم الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتورة آن فودينسكا مدير المركز البولندي لآثار حوض البحر المتوسط بالقاهرة، حجرتي آمون الشمالية والجنوبية على الشرفة العلوية لمعبد حتشبسوت بالدير البحري، ومقبرة ميرو بجبانة العساسيف الشمالية، وذلك بعد الانتهاء من مشروع دراستهم وتوثيقهم وترميمهم بالتعاون المركز البولندي لآثار منطقة حوض البحر المتوسط بجامعة وارسو.

 

جاء ذلك بحضور الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق، والدكتور فتحي ياسين مدير عام آثار مصر العليا، والدكتور باتريك ذويدكسي مدير البعثة البولندية بمعبد حتشبسوت وشمال العساسيف.

 

وأوضح وزيري أن الحجرتين اللتين تم افتتاحهما اليوم بمعبد الدير البحري تحيطان بالمقصورة الرئيسية للإله آمون رع بمعبد حتشبسوت والتي تم افتتاحها للجمهور في عام 2017، مشيرا إلى أنه من خلال دراسة النقوش الموجودة على جدران الحجرة الجنوبية اتضح أنها ربما كانت تستخدم لتخزين المواد العطرية والكتان المستخدم أثناء الطقوس الدينية.

 

في حين صورت جدران الحجرة الشمالية، والتي لم يعرف بعد عن استخدامها، مناظر لتقديم القرابين للإله آمون رع من قبل الملكة حتشبسوت وراعيها، الملك تحتمس الثالث، وبعض الأعمال الطقسية التي قاموا بها مثل الجري بالمجداف، لافتا إلى أنه عندما اعتلى الملك تحتمس الثالث العرش بمفرده بعد فترة من الحكم المشترك، تم إزالة صور الملكة حتشبسوت من الزخارف في جميع أنحاء المعبد.

 

ومن جانبها، أشارت الدكتورة آن فودينسكا أن خلف أبواب كلتا الحجرتين، يوجد منظر يصور المهندس سنموت، أبرز رجال بلاط الملكة حتشبسوت، مع كتابات تشرح أن الملكة سمحت بكتابة اسم المهندس سنموت بجميع حجرات معبدها، ولكن صور سنموت هذه المرة في النقوش داخل هاتين الحجرتين فقط وهو واقفاً بدلاً من وضع الركوع، مما قد يوحي بوظيفة خاصة لهاتين الغرفتين.

 

مقبرة "ميرو"

وعن مقبرة ميرو، قال الدكتور فتحي ياسين مدير عام آثار مصر العليا، أنها تخص شخص يدعي ميرو والذي كان مسئولا رفيع المستوى في بلاط الملك منتوحت الثاني (2055-2004 ق.م)، مؤسس الدولة الوسطي، وهي مقبرة منحوتة في منحدر صخري يسمى شمال العساسيف، وهو استمرار للمدرج الصخري في الدير البحري.

 

وتعد هذه المقبرة هي أول موقع أثري من هذه الفترة المبكرة في البر الغربي بالأقصر يتم إتاحته للزوار، وتقع مقبرة ميرو بمواجهة طريق الموكب المؤدي إلى معبد الملك منتوحتب الثاني. وهي تتكون من واجهة وممر يؤدي إلى مقصورة للقرابين بها كوة لوضع تمثال المتوفى. كما يوجد بها بئر للدفن بأخره حجرة للدفن بها تابوت. وتعتبر هذه الغرفة هي الوحيدة المزينة بالمقبرة، حيث رسمت جدرانها بطريقة مميزة نفذت بالطلاء على قاعدة من الجبس الجيري.

 

ومن جانبه، قال الدكتور باتريك ذويدكسى مدير البعثة البولندية بمعبد حتشبسوت وشمال العساسيف، إن مقبرة ميرو كانت معروفة منذ منتصف القرن 19. وفي عام 1996، تم تنظيف بعض اللوحات الجدارية بها بواسطة فريق من المرممين الإيطاليين. وخلال عامي 2015 و2023، قام فريق العمل من البعثة المصرية البولندية من المركز البولندي لآثار منطقة حوض البحر المتوسط والمجلس الأعلى للآثار مع مرممين من أكاديمية الفنون الجميلة في وارسو على ترميم هذه المقبرة وتوثيقها.

 

جدير بالذكر أن معبد حتشبسوت في الدير البحري بالبر الغربي بالأقصر كان يعتبر بمثابة معبد لهذه الملكة التي حكمت مصر خلال الأسرة 18 (حوالي 1473-1458 ق.م)، أما جبانة شمال العساسيف فكانت جبانة دفن بها أبرز المسئولين في مصر من عصر الدولة الوسطى (2055-1773 ق.م).

 

افتتاح مقبرتي جحوتي وحري.. عصر الدولة الحديثة

وعلى جانب آخر، افتتح الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والسفير ألبارو إيرانثو سفير إسبانيا في مصر، ود. إليوسا دي إلبينو رئيس المجلس الأعلى للبحث العلمي بإسبانيا، مقبرتي جحوتي وحري بعد ترميمهما، وذلك بحضور عالم الآثار الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق، والدكتور فتحي ياسين مدير عام آثار مصر العليا، والدكتور خوسيه مانويل جالان مدير البعثة الإسبانية-المصرية من المجلس الأعلى للبحث العلمي بإسبانيا بمعهد لغات وثقافات المتوسط والشرق الأقصى.

 

وأوضح وزيري أنه تم اكتشاف المقبرتين من خلال أعمال البعثة الأثرية المصرية الأسبانية المشتركة من المجلس الأعلى للآثار، والمجلس الأعلى للبحوث العلمية بإسبانيا، منذ عام 2002، حيث قامت البعثة بأعمال الحفائر والترميم ونشر العديد من النتائج البحثية المتعلقة بالمقابر الموجودة بمنطقة ذراع أبو النجا بالبر الغربي بمحافظة الأقصر، حيث نجحت البعثة من خلال هذا المشروع في كشف النقاب عن العديد من المقابر والتوابيت والمومياوات والحديقة الجنائزية.

 

وأضاف الدكتور مصطفى وزيري أن المقبرتين تخص شخصيتين بارزتين خلال أحد أهم حقب التاريخ المصري القديم، وهي بداية عصر الأسرة 18 من الدولة الحديثة، لافتا إلى أن تخطيطهما يأخذ شكل حرف (T)، وهو التخطيط المتبع في مقابر الأسرة الـ18، حيث تتكون كل منهما من مدخل وصالة للأعمدة ثم بئر للدفن، كما أن جدران المقبرتين مزينة بالنقوش المتميزة.

 

وتم الانتهاء من ترميم المقبرتين من أعمال التدعيم المعماري لجدرانهما والسقف والأعمدة، بالإضافة إلى التنظيف والإضاءة باستخدام الطاقة النظيفة المنتجة من ألواح الخلايا الشمسية، وتنظيف المداخل من الرديم، وعمل أرضية خشبية جديدة لتحديد مسار الزيارة.

 

وأضاف أن "جحوتي" كان يشغل منصب المشرف على خزانة الدولة وكذلك أعمال الحرفيين والفنانين الذين عملوا خلال عهد الملكة حتشبسوت، كما كان مسئولا عن تدوين رحلة حتشبسوت إلى بلاد بونت، وتوفير مادة الالكتروم (خليط من الذهب والفضة) لكسوة قمة المسلات التي وضعتها في معابد الكرنك، بالإضافة إلى أنه كان مسئولا عن عملية نقل المسلات. أما "حري" فكان يشغل منصب المشرف على المخازن الملكية للزوجة والأم الملكية المقدسة إياح حتب.

 

وتتميز الحجرة التي تسبق حجرة الدفن بنقوش حفر عليها 43 فصلا من فصول كتاب الموتي، وكانت تعتبر المرة الأولى التي يتم فيها كتابة فصول الموتي على جدران المقابر، ثم بدأ كتابتها بعد ذلك على الكتان والبردي.

 

ومن جانبه، قال خوسيه جالان رئيس البعثة من الجانب الأسباني، إن اسم "جحوتي" ووجهه الموجودين على نقوش جدران المقبرة قد تضررا بشكل منهجي بعد وفاته بهدف محو هويته، وبالتالي فقد القدرة على أن يتم تذكره والذهاب إلى الحياة الأبدية، مضيفا أن النقوش بالمقبرة أشارت إلى أن والده ربما يكون من أصل غير مصري، الأمر الذي دفع جحوتي إلى محاولة التأكيد على إتقان الكتابة المصرية ومعرفته بأقدم النصوص والشعائر الدينية.

 

وأوضح الدكتور فتحي ياسين مدير عام آثار مصر العليا، أن البعثة المصرية الاسبانية بمشروع جحوتي قامت بالتنقيب الأثري والترميم وكذلك التوثيق والنشر العلمي للنتائج البحثية لمجموعة من المعالم الجنائزية ومقابر الأفراد من الطبقة الوسطى والعليا بمنطقة ذراع أبو النجا، بالإضافة إلى مقبرتي جحوتي وحري.

 

كما استطاعت البعثة المصرية الأسبانية خلال العقدين الماضيين من تسليط الضوء على عدد من الاكتشافات الهامة بذراع أبو النجا من تاريخ مصر القديمة، منها لوحة تتضمن صورة أمامية للملكة حتشبسوت، ومجموعة من الأقراط الذهبية عثر عليها عند مدخل غرفة الدفن لمقبرة جحوتي، وثمانية من باقات الزهور الخمسين التي يعود تاريخها لقبل 3000 عام تم العثور عليها في حفرة مفتوحة في فناء مدخل مقبرة جحوتي، وتابوت سليم لنب من عصر الأسرة 17 (1600 ق.م)، وتابوت لفتاة تبلغ من العمر 15 عاما عاشت قبل 3600 عام ودفنت بأربعة قلادات رائعة وأقراط وخاتمين، بالإضافة إلى الكشف عن "الحديقة الجنائزية"  الوحيدة المكتشفة حتى الآن.