مصر تستعيد "التابوت الأخضر" من الولايات المتحدة.. يزن 500 كجم وهو من أضخم التوابيت

شهد وزيرا الخارجية سامح شكري، والسياحة والآثار أحمد عيسى، اليوم الإثنين، مراسم تسليم غطاء تابوت الكاهن "عنخ إن ماعت"، المعروف باسم (التابوت الأخضر)، الذي تم استعادته مؤخرا من متحف هيوستن للعلوم الطبيعية بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد إثبات خروجه من البلاد بطريقة غير شرعية.

 

يبلغ طول غطاء التابوت 2.94 سم، وهو مصنوع من الخشب، وملون باللون الأخضر، ومزين بزخارف مذهبة، وبكتابات هيروغليفية. ومن المقرر أن يتم إيداع غطاء التابوت بالمتحف المصري بالتحرير، لفحص حالته وصيانته وترميمه.

 

وقال سامح شكري وزير الخارجية، في مؤتمر صحفي اليوم، بمناسبة تسلم مصر "التابوت الأخضر" من الولايات المتحدة، وذلك بحضور القائم بأعمال السفارة الأمريكية بالقاهرة، والدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن استعادة "التابوت الأخضر" تمثل حلقة جديدة في سلسلة نجاحات وزارة الخارجية لاستعادة إرث مصر الحضاري.

 

وأضاف أن "التابوت الأخضر" تم استعادته من الولايات المتحدة بعد جهد دؤوب استمر لعدة سنوات، تضافرت جهود الدولة المصرية ممثلة في وزارة الخارجية، وبعثتي الدبلوماسية بالولايات المتحدة، ووزارة السياحة والآثار، ومكتب النائب العام، لاستعادة قطعة ثمينة من تاريخ مصر، وهو الأمر الذي يؤكد التزام الدولة المصرية وتمسكها باستعادة آثارها التي خرجت بشكل غير شرعي.

 

وأوضح أن كل قطعة أثرية "كبيرة أو صغيرة" تعد جزءا من تاريخ مصر والمصريين، مشيرا إلى أن استعادة "التابوت الأخضر" وعودته إلى أرض الوطن انعكاس للتعاون بين مصر والولايات المتحدة في مجال حماية الممتلكات الثقافية واستعادة مصر للآثار المهربة، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط (أ.ش.أ).

 

وأكد أن مصر كانت من أولى الدول التي صادقت على اتفاقية (لاهاي) 1954، واتفاقية (اليونسكو) لعام 1970، لحظر ومنع نقل واستيراد الممتلكات الثقافية بطريقة غير مشروعة، لافتا إلى أن مصر حرصت على وجود اتفاقيات ثنائية مع الدول الصديقة، لحماية التراث الثقافي والآثار، بما يساهم في الإجراءات الخاصة بعملية استرداد الآثار مع العديد من الدول.

 

وأعلن أن مصر بصدد التوسع في توقيع اتفاقيات مماثلة من شأنها أن تسهل عملية استعادة آثارنا المنهوبة من الخارج، مشيرا إلى أن مصر نجحت على مدى الأعوام الـ10 الماضية في استعادة العديد من القطع الأثرية، التي يقارب عددها 20 ألفا و300 قطعة أثرية.

 

وأكد التوجيهات الدائمة الصادرة لبعثات مصر الدبلوماسية والقنصلية بالخارج، لإيلاء الكثير من الاهتمام لهذا الملف ومتابعة وملاحقة أي عمليات اتجار للآثار المصرية المهربة، والتنسيق والتعاون الوثيق مع وزارة السياحة والآثار، ومكتب النائب العام، بالإضافة إلى وزارة الداخلية، لتنسيق الجهود الوطنية لاسترداد تلك الآثار.

 

من جانبه، قال أحمد عيسى وزير السياحة والآثار، إن الدولة المصرية تولي اهتماما كبيرا باستعادة الآثار المهربة بالخارج، مؤكدا أنه لا تفريط في هذا الأمر، موجها الشكر إلى وزارة الخارجية ومكتب النائب العام والجانب الأمريكي، على ما بذلوه من جهد مع وزارة السياحة والآثار في هذا الملف على مدار عامين حتى تم استعادة غطاء التابوت.

 

وأشار إلى أنه تم خلال السنوات الماضية استعادة 29 ألفا و300 قطعة أثرية مهربة، منها 5300 قطعة عام 2021، و110 قطع أثرية خلال عام 2022، وأكد أن جهود استرداد الآثار المهربة لا تتوقف، حيث إن الدستور أفرد 3 مواد لحماية وصيانة الآثار واسترداد القطع المهربة، كما أن مصر من الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن.

 

ومن جانبه، كشف الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، عن أن غطاء التابوت يعود للعصر المتأخر (الأسر من 27- 30)، ويرجح أنه تم العثور عليه في منطقة مصر الوسطى.

 

وأوضح أن الغطاء يبلغ طوله 2.94 متر، وعرضه 90 سم، ويزن نحو 500 كجم، وهو من أضخم التوابيت التي تم العثور عليها، والنصوص المنقوشة عليه توضح أنه كان أحد الكهنة، كما يشير اللون الأخضر إلى أنه كان مقربا من الحاكم.

 

وأشار إلى أنه سيتم نقل التابوت إلى المتحف المصري بالتحرير ليخضع لعمليات ترميم، حيث إن به بعض الضرر نتيجة الاستخراج العشوائي، ثم ستقرر لجنة العرض المتحفي مكان عرضه.

 

وردا على سؤال حول حماية الممتلكات الثقافية المصرية، أكد وزير الخارجية سامح شكري، أن اتفاقية (لاهاى 1954) أو اتفاقية (اليونسكو 1970) تتيح استعادة هذه الآثار، والتزام الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات وضرورة أن تكون أي آثار مشروعة في أي تداول تجاري لها.

 

وأضاف أن مصر ستستمر في جهودها لعقد اتفاقيات ثنائية مع الدول الصديقة للتعامل مع هذه القضية بيسر، وفي الإطار القانوني، لافتا إلى أن سفاراتنا بالخارج تتابع هذا الأمر بكل دقة بالتعاون مع وزارة السياحة ومكتب النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بعودة الآثار المهربة.

 

وأشار إلى أهمية مجال عمل اليونسكو والقرارات الصادرة عن المنظمة الأممية لتعزيز أهمية وتنفيذ الإطار القانوني الحاكم، وأيضا متابعة ووضع الأطر التي تعزز من حماية التراث الإنساني العالمي ومنع الاتجار في التراث الثقافي، ما يعد أمرا هاما لأن ما نضطلع به في مصر من حماية لهذا التراث وجهود الحفاظ على السمة الإنسانية الدولية له، سواء كان إقامة متحف الحضارة أو المتحف الكبير وغير ذلك هو المكان الملائم لعرض هذه الآثار في مكانها الأصلي لتتاح للزائرين للاستمتاع بها.

 

ولفت إلى أن هذه القضية تأخذ زخما حديثا، مشيرا إلى التوجه الإيحابي من جانب الفاتيكان في إرجاع بعض الآثار التي كانت بحوزتها، ونأمل أن تحذو دول أخرى حذو الفاتيكان حرصا على قطع فريدة ليست لها مثيل.

 

وعقب المؤتمر الصحفي، شهد وزيرا الخارجية والسياحة والآثار مراسم توقيع محضر تسليم "التابوت الأخضر" من وزارة الخارجية لوزارة السياحة والآثار. وقام بالتوقيع السفير عمر سليم مساعد وزير الخارجية للشئون الثقافية، وشعبان عبدالجواد مدير إدارة الآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار.