مصر للطيران.. 90 عاما من التاريخ العريق.. رحلة زمنية بقيادة الكابتن كمال علوي

طلعت حرب الأب الروحي.. ثورة 1952 بداية الانطلاق

ملامح التأسيس الأولى: مايو 1932.. 20 ألف جنيه رأس المال.. طائرتان سعة الواحدة 4 راكب.. مطار ألماظة.. أولى الرحلات الإسكندرية ومطروح

فلسطين أول وجهة دولية.. طائراتها الأولى في مطاري جدة والمدينة المنورة

النزهة الجوية بـ25 قرشا.. وتذكرة الحج بـ57 جنيها.. ورحلة الإسكندرية بـ110 قروش

 

تحتفل شركة مصر للطيران اليوم بعيدها الـ90 لتأسيس هذا الكيان الاقتصادي الوطني الضخم، تحت شعار "تاريخ عريق.. ومستقبل مشرق"، حيث تم تأسيسها في 7 مايو عام 1932م، لتصبح أول شركة طيران يتم إنشاؤها في الشرق الأوسط وإفريقيا، وسابع شركة طيران في العالم، وطوال هذه السنوات ظلت مصر للطيران جزءا هاما من تاريخ الوطن حاملة اسم مصر في سماء العالم على مدار 90عاما، وتواصل خطتها المستقبلية في توسعة شبكة الخطوط وتحديث أسطولها.

 

ومن تاريخ مصر للطيران العريق يستعرض "ترافل يالا نيوز" بعض لمحاته وأبرز محطاته، بعد 90 عاما من نشأتها، منذ فكرة تدشنها وصدور المرسوم الملكي للملك فؤاد الأول بتأسيسها وحتى الآن.

 

"الخطوط الهوائية المصرية"، "مصر آير وورك"، "الطيران العربية المتحدة"، "مصر للطيران".. أسماء مختلفة لكيان وطني ولد عظيما، عكست على مدار تاريخه مدى ارتباط هذا الكيان بمصر، سياسيا واقتصاديا، لذلك لا تزال يطلق عليها الشركة الوطنية، فهي نتاج لمجهود مشرف لأناس حاربوا لأجل ارتفاع مكانة الشركة بين مصاف شركات الطيران العالمية، ليحمل اسم مصر ويجوب به سماء العالم.

 

طلعت حرب الأب الروحي

وعندما نتحدث عن بدايات مصر للطيران كفكرة يجب ذكر الأب الروحي والداعم الأكبر لإنشائها طلعت باشا حرب، القامة الاقتصادية المصرية، الذي حمل على عاتقه تحقيق حلم المحاولات الفردية لبعض الشباب المصري في ذلك الوقت بتكوين شركة مصرية للطيران المدني، وكان على رأس تلك المحاولات كمال علوي في عام 1929، حيث سافر إلى باريس وتعلم فنون الطيران واشترى طائرة كانت هي الأولى التي يتم تسجيلها في مصر، وحملت حروف التسجيل SU-AAA، وأهداها بعد ذلك إلى شركة "مصر للطيران"، ثم تبنى حملة تكوين الشركة إلا أنها لم تلقى استجابة أعضاء نادي الطيران المصري الذي أسسه.

 

مرسوم التأسيس

ولكن مع نجاح وصول محمد صدقي كأول طيار مصري يقل على متن طائرته "الأميرة فايزة" من برلين إلى القاهرة في 26 يناير 1930، جاءت أول خطوة حقيقة فى طريق تأسيس الشركة، حيث تعاون الثلاثة كمال علوي، ومحمد صدقي، وطلعت حرب، لتحقيق الحلم من خلال بنك مصر الذي أسسه الأخير.

 

وأثمرت الجهود عن صدور المرسوم الملكي في يوم 7 مايو 1932 بإنشاء مصر للطيران، ووقع على هذا المرسوم إسماعيل صدقي وزير المالية وقتها، وسميت الشركة باسمين أحدهما باللغة العربية وهو "شركة الخطوط الهوائية المصرية"، والآخر بالإنجليزية وهو "مصر آير وورك"، وكان عدد الأسهم المطروحة عند التأسيس 5 آلاف سهم، قيمة الواحد 4.5 جنيهات.

 

ويتضمن عقد التأسيس أن يمتلك المصريون 60% على الأقل من هذه الأسهم، لتولي إدارتها، والأجانب 40%، وكان عدد أسهم بنك مصر 1350 سهما، وشركة "آير وورك" البريطانية 1800 سهما، وتحدد رأسمال الشركة في البداية 20 ألف جنيه.

ورغم أن البداية بالشركة تمثلت فى التدريب والنزهات الجوية فى مطار ألماظة بطرازات دي هافيلاند دراجون 60، إلا أنها سرعان ما بدأت بتكوين أول نواة لأسطولها حيث وصلت فى 30 يونيو 1933 مطار الماظة أول طائرتين من طراز دي هافيلاند دراجون 84 سعة الواحدة أربعة ركاب كنواة للأسطول، وكانت أولى رحلاتها إلى الإسكندرية ومرسى مطروح.

 

رائدات الطيران وخطوط دولية

على صعيد آخر فى أكتوبر من العام نفسه شهدت مصر دخول أول إمرأة مصرية لعالم الطيران بحصول "لطفية النادي " على إجازة طيار خاص تلاها الكثير من السيدات مثل كابتن عزيزة محرم وليندا مسعود ونفيسة الغمراوي وغيرهن.

 

وبنفس السرعة بدأت الشركة فى إعداد جداول تشغيلها حيث سيرت رحلاتها إلى الإسكندرية و مرسي مطروح و أسوان، وفى العام التالى إلى مدينتي اللد و حيفا بفلسطين.. وقامت الشركة بتوسيع شبكة خطوطها المحلية والدولية لتشمل بورسعيد والمنيا وأسيوط، ويافا وقبرص وبغداد.. وجاءت درة أعمال الشركة فى تلك الفترة حين سيرت أول رحلة بين كل من جدة و المدينة المنورة فى 1936 فكانت طائرات مصر للطيران أولى الطائرات في العالم التي تهبط في كل من المدينتين.

 

 

الحرب العالمية والشركة للمصريين

ومع الحرب العالمية الثانية عام 1939 بدأت الشركة مرحلة جديدة فى تاريخها حيث أصبح رأسمالها مصرى بالكامل بعد انسحاب " إير وورك " البريطانية الشريك الأجنبى وحل المصريون محل البريطانيين ليصبح كل شىء فيها مصرى وانتهى عصر الأجانب و تحول اسمها إلى الخطوط الجوية المصرية – Misr Airlines في عام 1941.. وأثبت المصريون براعتهم و كفاءتهم التى تعلو عن البريطانيين حيث بدأت الورش الفنية في تصنيع طائرات صغيرة لتتدرب عليها أطقم المدفعية البريطانية، و تمكنوا أيضًا من تحويل طائرتين من طرازي أفرو19 وأنسون الحربيتين إلى طائرات ركاب مدنية مما اعتبر معجزة بحق أبهرت الجميع بمن فيهم مالك شركة إير وورك نفسه. هذا بخلاف تحويلهم أيضًا لطائرات "داكوتا" الحربية إلى طائرات ركاب مدنية بورش الشركة بألماظة.

 

وبعد انتهاء الحرب استمرت الشركة فى تطوير أسطولها و بحلول يوليو 1946 أصبح الأسطول الجوي المدني المصري يضم 18 طائرة، ثم كانت الصفقة الأهم وهي شراء 5 طائرات من طراز "فايكينج" التي تتسع لعدد 24 راكباً حيث كانت إيذاناً بالانتقال من عصر الطائرات الصغيرة إلى عصر الطائرات الكبيرة وهو ما طور أيضاً من مستوى الخدمة المقدمة للركاب فبدأ لأول مرة ظهور أطقم الضيافة على متن الطائرات.

 

ثورة 1952.. دماء جديدة فى شريان الشركة

 

ثم جاءت ثورة 1952 التى أولت اهتمامها بمصر للطيران حيث ساهمت في رأس المال ليرتفع من 300 ألف جنيه إلى مليون جنيه، وتمثلت أولى ثمار هذه المساهمة في إضافة 5 طائرات فايسكاونت ذات المحركات الأربع والمقاعد الاثنين والخمسين.كما استقدمت فيه الشركة أول جهاز محاكي لتدريب طياريها عليه لتصبح الأولى والوحيدة في ذلك المجال في هذا الوقت وصار معهد مصر للطيران قبلة المتدربين والدارسين.

 

الستينيات وملامح التطوير.. شركة الطيران العربية المتحدة

 

كما شهدت الستينات العديد من ملامح التطوير أيضًا فى مصرللطيران كان أولها انضمام ثلاث طائرات من طراز دي هافيلاند " كوميت-4C ". ثم تسيير أطول خطوط الشركة منذ نشأتها وهو خط القاهرة / روما / فرانكفورت / زيوريخ / لندن.

 

بينما كان أهم هذه الملامح إصدار الرئيس جمال عبد الناصر بوصفه رئيس الجمهورية العربية المتحدة، القرار رقم 83 لعام 1960بتوحيد شركة مصر للطيران ومؤسسة الخطوط الجوية السورية في شركة واحدة تحت اسم "شركة الطيران العربية المتحدة"، وذلك إثر الوحدة التى قامت بين مصر وسوريا فى 1958.

 

وفى عام 1962 أعيد هيكلة الشركة لتصبح الشركة مؤسسة تحت اسم المؤسسة العربية العامة للطيران، وتضم شركات الطيران العربية المتحدة للخطوط الخارجية، ومصر للطيران للخطوط الداخلية، والشركة العامة للخدمات وتموين الطائرات، وشركة الكرنك للسياحة. وفى تلك الأثناء تأسست أسواق مصر للطيران الحرة فى مطار القاهرة و افتتحت فى 1963.

 

السبعينيات .. صمود ونجاح

 

بالرغم أنه كان لنكسة يونيو 1967 الأثر البالغ على اقتصاديات الشركة، ورغم أجواءها الصعبة، إلا أنها ستطاعت مواصلة صمودها حيث أقلع أول خط مباشر من القاهرة إلى لندن فى 16 يوليو 1970 كأطول خط آنذاك، وذلك بعد عقد مصرللطيران لأولى صفقاتها مع شركة بوينج العالمية لشراء 4 طائرات من طراز B707-320.

 

وجاءت نقلة أخرى فى تاريخ الشركة فى 1971 وهى صدور القرار الجمهوري بإنشاء الهيئة المصرية العامة للطيران المدني، لتنتقل إليه تبعية مؤسسة مصرللطيران، ولتستعيد مرة أخرى اسمها الذي أنشئت به " مصر للطيران "، كما تم إنشاء الهيئة العامة للأرصاد الجوية، وهيئة ميناء القاهرة الجوي، والمعهد القومي للتدريب على أعمال الطيران.

 

1980 – 2002 .. العصر الذهبي

في عام 1980 أصبح المهندس محمد فهيم ريان مفوضًا عامًا لمصر للطيران ثم تولى رئاسة مجلس إدارتها فى 1981 وحتي عام 2002 شهدت خلالها مصرللطيران عدة نجاحات حيث زاد الأسطول بشكل لم تشهده مصرللطيران إلا وقتها، فتم شراء 8 طائرات آيرباص (A300-B4) لتغطية أسواق أوروبا والشرق الأوسط، ثم  3 طائرات بعيدة المدى من طراز بوينج B767-200، وتلاها شراء طائرتين من طراز بوينج B767-300.

 

ثم تم شراء 7 طائرات جديدة من طراز إيرباص (A320-200)، وقامت الشركة بشراء 5 طائرات جديدة من طراز بوينج B737-500، بالإضافة إلى شراء 3 طائرات بوينج B777-200، و3 طائرات إيرباص (A340-200) فائقة المدى لتغطية متطلبات سوقي أمريكا الشمالية واليابان، كما قامت بشراء 4 طائرات إيرباص (A321-200) لخدمة سوق الطيران العارض الجديد والواعد.

 

وفي اتجاه موازي قامت الشركة بتطوير بنيتها التحتية ففي مجال التدريب تم تزويد مركز التدريب بمحاكيات طائرات بوينج 707 و737 ومحاكيات إيرباص، إضافة إلى محاكيات تدريب أطقم الضيافة على أعمال خدمة الركاب وإجراءات الطوارئ والإخلاء السريع، كما تم إنشاء مجمع هندسي مجهز فنيا بأحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا الدعم الفني للطائرات وملحقاته من هناجر وورش، ووحدات تعمير وإصلاح واختبار المحركات. كما شهدت هذه الفترة إنشاء المجمع الإدارى للعاملين بالشركة و مستشفى مصرللطيران على أعلى مستوى خدمي.

 

هيكلة جديدة.. توسعة النشاط .. انضمام عالمي

 

 تم إنشاء أول وزارة للطيران المدنى فى عام 2002 و أصبحت مؤسسة مصر للطيران شركة قابضة، تتبع مباشرة وزارة الطيران المدني و تم تحويل القطاعات التي كانت موجودة في السابق إلى شركات تابعة بدأت بشركة الخطوط الجوية، وشركة الصيانة والأعمال الفنية، وشركة الخدمات الأرضية، وشركة الخدمات الجوية، وشركة الشحن الجوي، وشركة السياحة الكرنك والأسواق الحرة، إضافة إلى شركة الخدمات الطبية.

 

وتمثل أول النجاحات فى الثوب الجديد فى حصول الشركة على شهادة الأيوزا التي يمنحها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا) كأول شركة طيران في أفريقيا والمنطة والسابعة عشر في العالم تحصل على هذه الشهادة و ذلك فى عام 2004، ثم أُنشأت شركتا إكسبريس للخطوط الداخلية و الصناعات المكملة في عام 2006، تلا ذلك تلقي مصر للطيران دعوة من تحالف ستار العالمى للانضمام إليه في عام 2007 وقد انضمت رسميا بالفعل فى يوليو  عام 2008 لتصبح العضو الحادي والعشرين فى أكبر التحالفات العالمية في مجال صناعة النقل الجوي الذي يضم حاليا 26شركة طيران عالمية تصل إلي 1300 نقطة في 193 مطار حول العالم.

 

ومواكبة لهذا النجاح العالمى، تم افتتاح مبنى الركاب رقم 3 الجديد في مطار القاهرة الدولي في شهر ديسمبر عام 2008 والذى أصبح مركزًا لرحلات مصر للطيران وباقي شركات تحالف ستار ليواكب توسعة النشاط وزيادة شبكة خطوطها الجوية.

 

وفي هذا الإطار أيضا تعاقدت مصر للطيران على صفقة شراء (12) طائرة من طراز بوينج 737/800 وصلت خلال عامى 2008 و2010 في إطار تطوير أسطولها بما يواكب التغيرات العالمية فى مجال النقل الجوي، تلا ذلك استلام مصر للطيران 6 طائرات فى عامي 2010 و2011 من أحدث الطرازات من طراز بوينج B777-300ER، و4 طائرات من طراز إيرباص A330-300.

 

مصر للطيران ما بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو

 

كانت لثورة 25 يناير 2011 تبعات تأثرت بها الشركة، حيث انخفضت نسبة السياحة بشكل ملحوظ نظرًا لعدم استقرار الأوضاع وتعرضت الشركة لخسائر كبيرة وصلت فى مجملها الي 10 مليارات جنيه في 5 سنوات بسبب انخفاض التشغيل والأحداث السياسية والحروب في المنطقة العربية والتي أدت إلي اغلاق بعض الخطوط ، فقامت مصرللطيران بإطلاق العديد من حملات الترويج السياحى لوفود بعض الدول تنشيطا لحركة السياحة  فى محاولة منها لاستعادة نسبة التشغيل على رحلاتها مرة أخرى، ورغم الفترة التى تلت ذلك من عدم استقرار ، إلا أن الشركة بدأت تتخطى هذه المرحلة بعد ثورة 30 يونيو فى 2013 حين بدأت الشركة فى تطبيق خطتها لتقليل الخسائر وترشيد النفقات و التى أتت ثمارها فى العام المالى 2014-2015 حيث تم تخفيض حجم الخسائر بنسبة 75% عن العام السابق لها.

 

وفي عيد مصر للطيران الثالث والثمانين، تم افتتاح المرحلة الأولى من متحف الشركة بالمبني الإداري ليخلد تاريخها ومجهود الرواد الأوائل متضمنَا مجموعة نادرة من الصور التاريخية والنماذج المجسمة لأسطول مصر للطيران منذ نشأتها وصور تاريخية لأبرز الشخصيات في تاريخ الطيران المدني ومصر للطيران والمؤسسين للشركة الوطنية.

 

عام 2016 مزيد من النجاح بفضل الاستقرار

 

ولعل أكبر إنجاز حققته الشركة خلال تلك الفترة هو إعلانها عن صفقة شراء 9 طائرات جديدة تنضم لأسطولها من أحدث طرازات البوينج وهي الـ B737-800NG.

 

2017 – 2019 مرحلة جديدة في تحديث الأسطول

 

وشهدت نهاية عام 2017 تعاقد مصرللطيران في معرض دبي للطيران علي تأجير وشراء ونية شراء 45 طائرة من أحدث الطرازات بمعدل 24 من طراز الـ CS300s لشركات بومباردييه الكندية والتي استحوذت عليها بعد ذلك شركة ايرباص العالمية لتصبح هذه الطائرات من طراز الإيرباص A220-300  والتي تسلمت مصرللطيران منها 12 طائرة وكذلك التعاقد على 6 طائرات من طراز بوينج دريملاينر B787-9، هذا بالإضافة إلى 8 طائرات من طراز إيرباص A320Neo، وتم بالفعل البدء في استلام هذه الطائرات اعتبارا من عام 2019 حتى يوليو 2020 بالإضافة إلى التعاقد على 7 طائرات من طراز إيرباص A321Neo، وطائرتين من طراز بوينج دريملاينر B787-9.

 

مصر للطيران وإدارة أزمة "جائحة كورونا"

 

مع نهاية عام 2019 وبداية عام 2020  اجتاحت العالم أزمة عالمية كبيرة أثرت علي معظم المجالات والصناعات وكان النصيب الأكبر في التأثير من نصيب صناعة الطيران المدني والسياحة على مستوى العالم وهي ظهور فيروس جديد يعرف باسم "فيروس كورونا"، والذي يعد أكبر تحدي واجهته صناعة النقل الجوي في تاريخها حيث توقفت حركة الطيران وتم اغلاق الكثير من المطارات والمجالات الجوية في معظم دول العالم للحد من انتشار المرض الأمر الذي أدى إلى تأثر صناعة الطيران بشكل كبير وإعلان عدد من شركات الطيران إفلاسها واستغنى كثير من الشركات عن عدد كبير من العمالة وتراجع موقفها المالي إلى أدنى مستوياته بسبب انخفاض معدلات التشغيل وقلة حركة الركاب ولم تكن مصر للطيران بمنأى عن تداعيات الجائحة حيث تعرضت الشركة لفقد إيرادات كبيرة في الفترة التي توقفت فيها حركة الطيران في مصر بشكل كامل من الفترة من 19 مارس وحتى قرار عودة الطيران في 1 يوليو 2020، واستمر التأثير حتى بعد التشغيل الجزئي لحركة الطيران بسبب انخفاض أعداد الركاب ووقف كثير من الدول لحركة الطيران وفرض دول أخرى، قيود وإجراءات احترازية معينة لدخول أراضيها.

 

وبالرغم من كل ذلك فقد حرصت مصر للطيران فى إطار استراتيجية وزارة الطيران المدنى  منذ بداية الجائحة علي الالتزام بتطبيق كافة الإجراءات الإحترازية والوقائية في جميع مراحل السفر وعلي متن الطائرات لتوفير رحلات آمنة لعملائها كما لم تتوقف الشركة بالرغم من تدهور الوضع المالي عن تنفيذ خطة إحلال وتجديد اسطولها الجوي واستكمال صفقات استلام الطائرات ولم يتم الاستغناء عن أي عامل وتنفيذ آليات مشروع هيكلة ودمج شركات مصرللطيران لتصبح 3 شركات بدلا من 8 شركات تابعة للشركة القابضة كما تم وضع خطة لإدارة هذه الأزمة تقوم علي ترشيد النفقات والبحث عن حلول وبدائل لتعظيم الإيرادات من بينها الإهتمام بنشاط الشحن الجوي الذي شهد تقدما ملحوظا خلال فترة الجائحة خاصة في مجال شحن الأدوية والمستلزمات الطبية.

 

2021 بداية الإنفراجة وخطة التعافي

 

في ضوء توجيهات الطيار محمد منار وزير الطيران المدني استمرت مصر للطيران بقيادة الطيار عمرو أبوالعينين رئيس الشركة القابضة لمصرللطيران فى أداء دورها ورسالتها متخطية العقبات والصعاب ووضع الخطط لتعظيم الإيرادات وترشيد النفقات، وكما شهدت فترات صعبة في فترات سابقة  عادت لتشهد فترات أكثر صعوبة وخاصة مع ظهور فيروس كورونا وتعليق حركة الطيران.ومع عام 2021 ظهر الأمل في أن تأتي اللقاحات الجديدة التي تم إكتشافها لعلاج الفيروس بنتائج إيجابية لتكون بداية الإنفراجة في زيادة حركة الطيران نسبيا كما لم تتخلي مصرللطيران عن دورها الوطني في شحن اللقاحات الجديدة لفيروس كورونا التي تعاقدت عليها الحكومة المصرية لتطعيم أبناء الشعب المصري.

 

عام 2022 الريادة في أفريقيا وتوسعة شبكة الخطوط

 

استهلت الشركة الوطنية مصر للطيران بداية عام 2022 بسبق جديد كعادتها بتشغيل أول رحلة  بخدمات ومنتجات " صديقة للبيئة " فى إطار المسئولية المجتمعية للشركة  من القاهرة الى باريس لتكون الرحلة الأولي من نوعها لشركة طيران فى القارة الإفريقية فى إطار استراتيجية وزارة الطيران المدنى لتحقيق التنمية المستدامة وفق توجهات الدولة المصرية ، كما أعلنت الشركة عن تدشين مركز إقليمي لصيانة الطائرات بمطار أكرا بغانا وكذا  تشغيل خطوط جديدة في إطار توسعة شبكة خطوطها الجوية مثل خط "كينشاسا" بالكونغو في مارس و" دبلن" بأيرلندا في يونيو القادم والإنتهاء من اجراءات تشغيل خط "دكا" بنجلاديش خلال عام ٢٠٢٢ وغيرها من الخطوط الجديدة  وكذلك استئناف خط مومباي بالهند في شهر مايو ودراسة استئناف خط بانجكوك  فى إطار خطة الشركة لاستئناف تشغيل الخطوط التى توقفت بسبب جائحة كورونا  فضلا عن الإستمرارفي خطة تحديث الأسطول حيث يشهد نهاية عام 2022 و2023 البدء في استلام أولى طائرات إيرباص A321NEO وعددهم 7 طائرات و طائرتين من طراز البوينج B787-9Dreamliner المتعاقد عليهم.

 

من ناحية وتقديرا لمكانة ودور الشركة الوطنية تم إصدار عملة معدنية متداولة في السوق المصري فئة جنيه ونصف جنيه مصري  باسم مصر للطيران وعليها شعار حورس و90 عاما احتفالا بهذه المناسبة.

 

ولا يزال التفاؤل يملأ مصر للطيران بفضل سواعد وجهود ابنائها المخلصين في الخروج والتعافي من أزمة فيروس كورونا في أسرع وقت، مثلما اجتازت الشركة الوطنية العديد من الأزمات علي مدار تاريخها المشرف الذي يمتد ل90 عاما في سماء العالم.